الرجولة لا تُقاس بالحجم، بل بحكمة العقل

بقلم : لمياء المرشد
عندما تصغر عقول الرجال، يختل ميزان المجتمع وتتغير ملامحه شيئًا فشيئًا. فالعقول الصغيرة لا ترى أبعد من مصالحها، ولا تفكر إلا بما يرضي غرورها ويُظهرها بمظهر القوة، متجاهلة أن القوة الحقيقية تكمن في الاتزان والحكمة وبعد النظر.
صِغَر العقل لا يعني قلة العلم أو ضعف المعرفة، بل يعني غياب البصيرة وانعدام الرؤية العميقة للأشياء. حين يضيق الأفق، تضيع الموازين، ويصبح المظهر أهم من الجوهر، والصوت العالي دليلًا على الحضور، ولو كان خاليًا من المعنى.
الرجولة ليست في التسلّط ولا في السيطرة، وليست في فرض الرأي أو تجاهل الآخرين. الرجولة عقلٌ كبير يحتمل، وقلبٌ يتسع، وموقفٌ يزن الأمور بميزان العدل والرحمة. وعندما تصغر العقول، تتحول القيادة إلى استبداد، والمسؤولية إلى تملك، والاحترام إلى تفضّل.
في المجتمعات التي تصغر فيها العقول، تكثر النزاعات الصغيرة، ويعلو الجدل الفارغ، وتغيب روح التعاون. ينسحب العقلاء بصمت، ويعلو صوت من لا يملك فكرًا ولا رؤية. تُستبدل القيم بالشهرة، وتصبح المظاهر غاية، لا وسيلة.
أما حين تكبر العقول، تتسع الآفاق، ويغدو الحوار لغة، والاختلاف ثراءً، والاحترام قاعدةً لا استثناءً. فالمجتمع لا ينهض بكثرة الرجال، بل بعظمة عقولهم، ولا يُقاس ازدهاره بما يملك من مالٍ أو شهرة، بل بما يملك من وعيٍ وإنسانية.
فالعقل الكبير هو الذي يصنع الأثر، يحفظ التوازن، ويقود الحياة نحو النضج والرقي.
أما صِغَر العقول، فهو بداية الانحدار، حتى وإن تزيّن بالمظاهر والعناوين