المعلم والطالب والفصول الأربعة

بقلم : عبدالله الحكمي .. إعلامي وكاتب صحفي
قد يسأل البعض عن الفصول الأربعة كيف ذلك ونحن نعلم أنها فصول ثلاثة؟.
الإجابة هي ثلاثة في الواقع المعلن ولكن هي 4 فصول فهناك الفصل الرابع الذي هو فصل الغياب والإجازات الممطوطة ( المطولة )،
لنترك الفصول الأربعة أو الثلاثة وندخل إلى موضوع المقال..:
بداية أود أن أوضح أنني أثمن واقدر عاليا كل الجهود التي تبذل في سبيل العملية التعليمية في وطننا وأعلم أن الجميع في مكان المسؤولية بعملون بجهد واخلاص سواءً أصابوا أم اجتهدوا ولم تكن اجتهاداتهم كلها في مكانها ، إنما الجميع دون شك يعملون ويحاولون الكمال … ولكن ..
أنا وأنتم نعلم أن هناك أصوات كثيرة تنادي بإصلاح وتصحيح من واقع التجارب فيما مضى من خلال الفصول الثلاثة وما شابها من تداعيات ، وبداية علينا أن نعلم ونقر بأن المستهدف من العملية التعليمية هم الطالبة والطالب، والمستهدف من تهيئة الطلاب هم المعلمون والمعلمات.
وهنا السؤال : هل كان للمعلمين والمعلمات والطلاب رأي في الفصول أو الإجازات أو أي قرار يخصهم ؟
هل تم أخذ رأيهم في استبيان مثلا ؟، هل أولياء الأمور من آباء وأمهات وغيرهم تم سؤالهم أو أخذت آرائهم ؟… الإجابة: لا ،
ولذلك هناك قتامة في الصورة ، كمثال بسيط ( قطرة في بحر ) يبين مدى القتامة : أمامي الآن الجدول الدراسي لهذا الأسبوع للصف السادس الابتدائي للبنات ، اليوم الأول الأحد اختبار مادتين ويوم دراسي !
– الاثنين يوم دراسي فقط ولا يوجد اختبارات، وباقي الأيام وحتى يوم الأحد القادم اختبارات ويوم دراسي ،
وهنا نرى مدى الضرر الذي يلحق بالطلاب والطالبات الذين يتسائلون لماذا يوم الاثنين دراسة ولم يوضع ضمنه اختبار لكي ننهي عامنا الدراسي الكبيس يوم الخميس ؟،
ولن يجدوا من يجيب على أسألتهم ولا حتى توسلاتهم .
السبب على مايبدو أن هناك فئتين فئة يقررون دون أخذ رأي غيرهم ثم بعدها لا يهمهم سوى تنفيذ أوامرهم ، وفئة أخرى عليهم التنفيذ دون أي اعتراض ومهما كان هناك فوائد أو خسائر إيجابيات أو سلبيات لا يهم فقط نفذوا .
وهنا أتسائل أيضا كمطلع على العملية التعليمية و ولي أمر وأيضا كمستمع ومطلع على الوضع : انتهت منذ فترة المقررات الدراسية تماما ، لكن يبقى العام الدراسي مستمرًا، ( حسب تسميتهم يوم دراسي ) الطالب فقد شغفه وزاد لديه النفور من الدراسة ولا يوجد استفادة، كل ذلك بسبب أخطاء في إدارة الوقت وفي المرونة وفي عدم الاستفادة من الخبرات وأخذ الرأي،
ماذا يدرسون وقد انتهى كل المقرر ومراجعته مرات ؟
المعلمة والمعلم انطفأت شمعتهم ، الطالب والطالبة فقدوا الشغف ، أولياء الأمور زادت مسؤلياتهم وعظمت عليهم المشقة وزاد قلقهم على أبنائهم ، بسبب ما يتعرضون له من ضغوط نفسية كبيرة فالطالبة والطالب يستذكرون دروسهم من المساء الى ساعة متاخرة من الليل بمشاركة ذويهم ثم يدخلون فصولهم ويبدأون في الاختبار يعصرون أفكارهم ويتعبون ذهنيا خلال الاختبار ، وبدل ما يذهبون لمنازلهم لتهدأ أنفسهم واستعداداً للغد، بدلا من ذلك يتم حجزهم بالمدرسة بحجة يوم دراسي ، فلا هو درس ولا هو استذكر دروسه ولا هو ذهب الى أسرته ليطمئنوا عليه. لا نعلم من الذي ابتدع هذه الفكره القاتلة للمتعة ؟.
فبعد الاختبار يكون الطالب في وضع نفسي وجسدي متعب ومشتت ومرهق جدًا، وليس لديه استعداد لاستقبال أي محتوى جديد وأصلا لا يوجد شيء هو مجرد وقت يمضيه بالفصل حسب الأوامر دون فائدة تذكر ، فالمقرر انتهى منذ فترة … فلماذا تم إعادة الطلاب والمعلمين بعد عيد الأضحى ؟ ، لماذا لم تتم الامتحانات قبل عطلة عيد الأضحى ويذهب كلا إلى حال سبيله ؟،
فقد تم تشتيت ذهن المعلمة والمعلم وخنق الطلاب بالفصول الثلاثة، التي تخللتها إجازات يسمونها مطولة دون فائدة لمجرد أن تعدي الأيام ويتم العدد المطلوب !
فصول ثلاثة مملة وغير عملية فلا المعلم رضي بها ولا الطالب استفاد واستمتع بها ، كما ذكرنا تمطيط للأيام لأجل إكمال العدد وكأنهم يستكثرون على المعلم اجازة طويلة مثلا 3 أو 4 شهور ،
وهذا ملموس ونسمعه ونقرأه في وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام من أن المعلم والمعلمة كانوا يأخذون إجازات أكثر من غيرهم من الموظفين، وها نحن الآن نرى كيف يتم إعادة المعلم قبل الطلاب بفترة ثم تمديد الأيام بأي شكل لكي تنحصر الإجازة لتكون قصيرة ،
وهنا يجب أن يعلم الجميع أن المعلمين هم سبب وجودك في منصبك ووجودنا في أعمالنا فهم من علموا الجميع حتى أخدوا شهاداتهم ثم مواقعهم في مناصبهم وأعمالهم ، وهم سبب ما أخطه بقلمي الآن ، هم من يضيء أنوار العلم والمعرفة، هم سبب لكل تقدم ورقي وإزدهار في كل الأمم،
وهم يستحقون أن تصفى أذهانهم لأنهم من يخرجون بعلمهم العقول، ويصنعون النجاح، ويسهمون في بناء المستقبل للأمم من خلال تنشئة أجيال قادرة على مواجهة التحديات ثم بناء الأوطان فكل طبيب، وكل مهندس، وكل قائد وكل من لديه علم في المجتمع مر من تحت يد معلم ساهم في بناء معرفته وتطوير مهاراته، ومنهم نحن وانتم في مواقعكم،
ولذلك هم يستحقون إجازات طويلة والأمر لا يستحق كل هذا العناء لتقليل إجازاتهم ،
لو أحدنا ( وعليكم أن تجربوا ذلك ) قام بالجلوس مع أبناءه للمذاكرة لمدة ساعة واحدة سيصاب بالتعب وربما ارتفاع الضغط والتذمر ، هذا وهم أبنائك فما بالك بالمعلمة والمعلم الذين يتعاملون يوميا لعدة ساعات مع طلاب بأفكار مختلفة وسلوكيات مختلفة وحتى عقل وفهم مختلف من طالب لآخر وهم بأعداد كبيرة في كل فصل وفي كل صف وفي كل يوم وعلى مدى عام دراسي كامل دون تضجر ولا كلل ولا ملل، يقومون بعملهم مشكورين بكل تفان واخلاص واجتهاد ، ثم يخرج من بين أيديهم أجيال وأجيال ، فهل بعد هذه الجهود بدلا من مكافأتهم نضيق عليهم ونقلل من إجازاتهم ومميزاتهم التي هي قليلة في حقهم مهما كانت ؟.
المعلمين والمعلمات يستحقون الإجازة الطويلة كما كانت زمان وهي 3 شهور على الأقل .
من وجهة نظري والكثيرين غيري، أن يكون هناك وجود لرأي المعلم والطالب وولي الأمر في كل مستجدات العملية التعليمية،
لدينا معلمات ومعلمين لديهم الفهم والعلم والمعرفة في كل المدارس، وأيضاً لدينا طلاب لديهم القدرة على إبداء الرأي، وأيضاً أولياء أمور منهم علماء ومفكرون وأصحاب علم وراي ، كل هؤلاء لو تم توزيع استبانات لأخذ رأيهم مثلا في الفصول الدراسية وعددها وفي مواعيد الاختبارات وفي الاجازات التي تتخلل العام الدراسي التي بعضها لا فائدة منه وفي زيادة إجازات المعلمين، لو تم ذلك لخرج مشرعي العملية التعليمية بما يفيد وبما هو في الصالح ،
لا أظن أنه مجدي الانفراد بالرأي، وليس صحيحا أن تكون أنت تعلم وتعرف وغيرك لا يفهم ،
المرونة ومشاركة الآخرين الرأي من ضمن وسائل النجاح في كل شيء.
انتهى هذا العام الدراسي تقريبا ( كان الغيابات فيه كثيرة ربما 40٪ منه ) فهو عام ممل كثير الغيابات وإجازات مطولة وإجحاف بحق الطالب والمعلم ، الكل يتمنون ان لا يتكرر .
قتل المتعة بهذه الطريقة مثل اعادة المعلمين والمعلمات بعد العيد للاختبارات ليأتوا من ديارهم ( في وطننا حفظه الله المترامي الأطراف ) في رحلات متعبة لمئات الكيلو مترات من الشمال إلى الجنوب والعكس ومن الشرق الى الغرب والعكس ومن مدن الى أخرى متباعدة، وكان بالإمكان نهايتها منذ وقت في ذي القعدة بدل إجازات مطولة وحفلات تخرج مالها داعي.
لنعطي غيرنا فرصة المساهمة بالرأي … الأمر يحتاج الى مشاركة من الجميع بالرأي والمشورة لنخرج بأعوام دراسية قادمة مليئة بالحيوية والإنتاجية والفهم والفائدة.
حفظ الله قيادتنا الرشيدة، وبارك الله وطننا وامتنا السعودية، وهدى الله المسؤولون عن التعليم لما فيه الخير والصالح العام.