الهدم سهل… حين لا تكون من بنى

بقلم: لمياء المرشد
في عالمٍ يتسارع فيه كل شيء، لم يعد الهدم فعلًا شنيعًا كما كان يُنظر إليه سابقًا، بل بات خيارًا سهلًا يمارسه البعض دون وعي أو إحساس. ومن أكثر ما يؤلم، أن هذا الهدم لا يطال الجدران فقط، بل يمتد ليهدّم القلوب، ويخترق الخصوصيات، ويهدم القيم الإنسانية.
إن من يتولى البناء – سواء كان بناء علاقة، أو ثقة، أو سمعة – يدرك تمامًا كم هو شاق هذا الطريق. يعرف كم من الوقت، والمشاعر، والتنازلات، والجهد تطلبه كل لبنة وضعها. لذا، يخاف الهدم، ويخشاه، ويتجنبه بكل ما أوتي من حكمة. أما أولئك الذين لم يبنوا شيئًا، فلم يعرفوا ثمن البناء، فيمارسون الهدم دون أن يرمش لهم جفن.
والأدهى من ذلك، حين يهدم الإنسان خصوصيات غيره، ويكشف ما يجب أن يُستر، لا لشيء سوى ليشبع نقصًا داخله، أو ليرضي ذاته الجائعة للإثبات والانتصار الزائف. المفارقة أن هذا الشخص ذاته، تجده يحيط خصوصياته بجدران عالية، يحرسها بشراسة، ولا يسمح لأحد بالاقتراب منها.
تساؤل يُطرح هنا: لماذا نُقدّس خصوصياتنا وننتهك خصوصيات غيرنا، حتى وإن كانوا أقرب الناس إلينا؟
الإجابة باختصار: لأن الهدم لا يؤلم إلا من تعب في البناء.
من المؤلم أن نرى العلاقات تُهدم بالكلمات، والثقة تُداس تحت أقدام الغيرة أو الأنانية، والخصوصيات تُستباح بدافع الفضول أو الانتقام.
ومن المؤلم أكثر، أن من يمارس هذا الهدم لا يشعر بالذنب… بل بالراحة!
الوعي قيمة، والاحترام فطرة تُهذب، والخصوصية حق لا يُمنح بل يُصان. فلنكن ممن يبنون، لا ممن يهدمون. فالهدم سهل… لكنه لا يُجيد بناء الحياة