بيوت الله

بقلم 🖋️ راشد بن محمد الفعيم
إن لله عز وجل في أرضه بيوتًا، وهذه البيوت تُبنى وتُشيّد من قِبل المسلمين والمؤمنين الذين يؤمنون بالله عز وجل، وإن الله عز وجل سيُخلف عليهم ما أخرجوه لبناء بيوت الله. لا شك أن الرزق من الله عز وجل، والله عز وجل هو الرزاق الذي يرزق العباد ويُيسّر لهم رزقهم في هذه الدنيا ويعطيهم وينفق عليهم، ومنهم من يبخل بما أعطاه الله، فلا يتصدّق ولا يبذل ولا يُعين الآخرين ولا يُعمّر مساجد الله، فإنه يضر نفسه.
كما قال الله تعالى: (وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ)، أي أن من يبخل بالنفقة في سبيل الله، فإنما يبخل عن نفسه، لأن نفسه لو كانت جوادًا لم تبخل بالنفقة في سبيل الله.
وقال الله تعالى: (وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ).
فمن يبخل يحرم نفسه الأجر العظيم، ويفوّت على نفسه حب الله عز وجل، وحب الناس، وحب المؤمنين.
ومنهم من جعل هذا المال في مصالح العباد إنفاقًا وعطاءً وبذلًا.
ولأهمية المال وعِظم شأنه في الإسلام، فإن الله عز وجل جعل الركن الثالث من أركان الإسلام هو الزكاة، وهي إخراج جزء من مال الأغنياء تُعطى للفقراء، بنسبة ضئيلة جدًا مما أعطى الله هذا الغني أو التاجر من المال.
فالمؤمن الحق يعلم أن المال مال الله عز وجل، والله عز وجل هو الذي يسّر له كسب المال، وأعطاه هذه الميزة: ميزة البيع والتجارة، ووهبه أن يكون حاذقًا عالمًا ذكيًا في بيعه وتجارته.
فتجد بعضهم يملك مئات الملايين، بل البعض يملك المليارات، وهذا كله بفضل الله عز وجل، الذي أودع في هذا التاجر الفطنة والذكاء والنّباهة في بيعه وشرائه وإدارة أعماله، فكل هذا بتيسير من الله عز وجل.
ولا شك ولا ريب أن الله عز وجل رتّب لكل من يُنفق نفقة يبتغي بها وجه الله أجرًا عظيمًا، وكما رتّب الله عز وجل لمن بنى المساجد وشيدها – وهي بيوته – أجرًا عظيمًا، وهو الجنة.
كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من بنى مسجدًا كمِفْحَصِ قطاةٍ أو أصغرَ بنى اللهُ له بيتًا في الجنة”
والقطاة هو نوع من الطير يسكن الصحراء، والمِفحص هو المكان الذي يضع فيه بيضه.
في هذا دلالة واضحة على أن من بنى لله مسجدًا صغيرًا كان أو كبيرًا وهو مؤمن، فإن الله يُدخله الجنة. وأي شيء أعظم من دخول الجنة؟! وأن يُبنى له بيتًا فيها؟! هذا ضمان من الله عز وجل، فهنيئًا لأصحاب الأموال، هنيئًا للتجار الذين يشيدون المساجد ويبنونها. وهذا لا يوجد إلا عند التاجر، أما الفقير الذي لا حيلة له ولا قوة، فيُشاركهم بالنية، إن كان ينوي أن يبني ويشيّد ويتصدّق ويسعى في قضاء حوائج الناس إن رزقه الله.
هنيئًا لهذا التاجر الذي يسعى لبناء بيوت الله، وأي شيء أعظم من بيوت الله عز وجل!
وتمثّل بيوت الله النواة الأساسية للمجتمع الإسلامي، التي انطلق منها الإسلام هُدى ورحمة للناس، وكان بناء المسجد أول ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وصل إلى المدينة المنورة، ليُبيّن لنا أهمية هذا الصرح العظيم ودوره في حياة المسلمين.
فهي التي يجتمع فيها المسلمون خمس مرات في اليوم والليلة، ويُذكر فيها الله، ويُدرس فيها العلم الشرعي، وهناك مساجد تعتبر مراكز في الأحياء، وفي المحافظات والقرى والهِجر، تكون هذه المساجد مركزًا للمسلمين. ففيها حلقات تحفيظ القرآن، وفيها الدروس العلمية، وفيها مغاسل لتجهيز الموتى والصلاة عليهم.
فهنيئًا لمن وفقه الله عز وجل وكان سببًا في تشييد أو المشاركة في مثل هذه المساجد المركزية التي تجتمع فيها هذه الأعمال. ومن هذه المساجد: جامع محافظة الشماسية، الذي يتبعها عدة مراكز، فقد شُيّد وانتصف العمل به، ولكن لم يكتمل حتى يومنا هذا، ويحتاج إلى المحسنين، ويحتاج إلى تاجر يؤمن بالله عز وجل، ويرجو رحمته، ويطلب رضاه، ويطمع أن يكون له بيت في الجنة بعد رضا الله عز وجل، فيُكمل هذا الصرح العظيم الذي ينتفع به كثير من أهل المحافظة والمراكز التابعة لهذه المحافظة، مثل: مركز النبقية، ومركز الربيعية، ومركز أم طليحة، ومركز أم حزم، ومركز البرجسيات التابعة لمحافظة الشماسية.
فهنيئًا لهذا التاجر أو الغني الذي سيكسب أجرًا عظيمًا بإنهاء هذا الصرح العظيم، والذي لم يبقَ على إتمامه إلا مبلغ قليل، لا يُشكّل عند بعض أهل الثراء والمال إلا اليسير.
فهنيئًا له بهذا العمل المبارك، وعلى من يرى في نفسه أنه أهلٌ لاستكمال هذا المشروع أن يتواصل مع اللجنة المُكلّفة بتدبير وتيسير واستقبال كل من يُشارك في هذا الصرح العظيم الشامخ. وهنيئًا لكل من ساهم ويساهم ولو بنشر أو ذكر أو بيان الأجر العظيم المترتب على بناء المسجد لكل تاجر وغني.
والدال على الخير كفاعله، وهذا من عظيم فضل الله عز وجل، أن يجعل من دلّ على الخير كمن فعله.
وقال الله عز وجل: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا).
فالمساجد بيوت الله، وقد أضافها الله إلى نفسه بقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ﴾
فإن الله عز وجل يشهد لمن شيّد المساجد بالإيمان، وحسبك بهذا شرفًا لها ورفعة، وقال تعالى: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ ﴾
فهي أفضل بيوت الدنيا، وخير بقاع الأرض، وقد تفضّل الله على بانيها بأن بنى له قصرًا في الجنة، وأجر المسجد جارٍ لمن بناه في حياته وبعد مماته، ما دام يُذكر الله فيه ويُصلّى فيه.
ومن اراد المشاركة في هذا الجامع او استكماله يتواصل مع مكتب الأوقاف بمحافظة الشماسية بمنطقة القصيم