“جولة في معالم الروح”

عبدالعزيز عطيه العنزي

في زحام الأيام وضجيج الحياة، غالبًا ما نجد أنفسنا نركض خلف كل ما هو خارجي، نلهث وراء إنجازات قد تبهت مع الزمن، وننسى أن بداخلنا عالمًا أوسع وأعمق يستحق الاستكشاف. إنه عالم الروح، أرضنا الداخلية التي تختبئ فيها كنوز لا تُقدر بثمن، ومعالم لا يضاهيها أي جمال.

تعالَ نتوقف للحظة، ونبدأ هذه الجولة الفريدة. أول ما يلقانا هو قمة السلام، تلك الواحة الهادئة التي نسعى إليها جميعًا. ليست مجرد غياب للضوضاء، بل هي حالة من السكينة العميقة، القدرة على التنفس بعمق حتى في خضم العاصفة. هناك، فوق هذه القمة، تتلاشى المخاوف وتتضح الرؤية، لنرى الحياة من منظور أرحب.

ثم نواصل مسيرتنا لنجد نهر المرونة، يتدفق بهدوء ولكنه قوي، يشق طريقه عبر الصخور والتحديات. إنه يمثل قدرتنا على التكيف، على النهوض بعد كل سقطة، وعلى تحويل الألم إلى قوة. كل قطرة في هذا النهر تحمل قصة صمود، وكل منعطف فيه يروي حكاية تجربة صقلت أرواحنا.

وبالقرب من ضفاف النهر، نفاجأ بجمال حديقة الامتنان. إنها ليست حديقة عادية، فزهورها لا تحتاج إلى ماء الشمس لتنمو، بل تنمو بفضل شعورنا العميق بالشكر والتقدير لكل ما هو جميل في حياتنا. كلما زرعنا بذرة امتنان، أينعت وردة سعادة، وأضفت عبيرًا زكيًا على أيامنا.

وعند مفترق الطرق، نصل إلى بئر التعاطف، ذلك النبع الصافي الذي يفيض بالحب والتفهم تجاه الآخرين. عندما نغرف منه، نشعر بالاتصال العميق مع من حولنا، وندرك أن آلامنا وأفراحنا جزء من نسيج إنساني واحد. إنه المكان الذي تتلاشى فيه الحواجز، وتُبنى جسور التفاهم.

وفي نهاية جولتنا، يلوح في الأفق منارة الهدف. إنها ليست مجرد ضوء يهدي السفن في الظلام، بل هي شعورنا بالغاية، بالمعنى العميق لوجودنا. قد لا تكون هذه المنارة واضحة دائمًا، وقد تتطلب منا رحلة طويلة لاكتشافها، لكنها عندما تضيء، تمنح خطواتنا ثباتًا، وتملأ أيامنا شغفًا، وتُضيء دروبنا نحو تحقيق ذواتنا.

إن جولة الروح هذه ليست رحلة ننتهي منها في يوم واحد، بل هي اكتشاف مستمر، وتأمل دائم. فمتى ستبدأ


جولتك الخاصة في معالم روحك؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com