خوادم الإنترنت الرئيسية.. تُدار أساسًا من تحالف “Five Eyes”

 

بقلم: المهندس محمد هاشم البدرشيني

متخصص في الأمن السيبراني

مقدمة

في زمنٍ أصبحت فيه المعلومة هي القوة، لم تعد السيطرة على السلاح أو النفط وحدها مصدر النفوذ الدولي، بل أصبحت خوادم الإنترنت والبنى التحتية الرقمية أحد أهم أدوات السيطرة الحديثة.

وما لا يعلمه كثيرون، أن التحكم في الإنترنت العالمي لا يزال مركّزًا في أيدي خمس دول تتعاون استخباراتيًا تحت مظلة تُعرف باسم تحالف “Five Eyes”.

من يتحكم فعلاً في الإنترنت؟

يتكوّن الإنترنت من ملايين الخوادم والمزوّدات المنتشرة حول العالم، لكن هناك ثلاثة عشر خادمًا رئيسيًا تُسمّى الخوادم الجذرية (Root Servers).

تعمل هذه الخوادم بمثابة “العقل المركزي” الذي يُحوّل أسماء المواقع (مثل www.example.com) إلى عناوين رقمية (IP)، مما يجعل الوصول إلى أي موقع ممكنًا.

اللافت أن عشرة من أصل ثلاثة عشر خادمًا جذريًا تقع فعليًا تحت إدارة مؤسسات أمريكية، أو تخضع لتشريعات الولايات المتحدة وشركائها.

أما الخوادم الثلاثة المتبقية، فهي تدار من السويد (I-Root)، وهولندا (K-Root)، واليابان (M-Root) — وجميعها تقع ضمن نطاق تعاون استخباراتي أو تكنولوجي مع الدول الغربية.

من هم تحالف “Five Eyes”؟

تحالف Five Eyes هو شبكة استخباراتية تجمع بين:

🇺🇸 الولايات المتحدة

🇬🇧 المملكة المتحدة

🇨🇦 كندا

🇦🇺 أستراليا

🇳🇿 نيوزيلندا

هذا التحالف يقوم بتبادل المعلومات التي تُلتقط من شبكات الاتصالات العالمية والإنترنت، بما في ذلك البيانات المارّة عبر الكابلات البحرية وخوادم الإنترنت الدولية.

ويُعدّ هذا التعاون من أكبر شبكات المراقبة الإلكترونية في العالم، إذ يمكّن أعضاءه من الاطلاع على كم هائل من البيانات العابرة للقارات.

خوادم الإنترنت.. سلطة غير معلنة

حين نستخدم الإنترنت، تمرّ بياناتنا غالبًا عبر خوادم وكيانات تخضع لتلك الدول الخمس، ما يعني أن البنية التحتية العالمية للاتصال ليست محايدة تمامًا.

فالشركات الكبرى مثل Google وAmazon وMeta وMicrosoft وCloudflare — وهي التي تدير جزءًا كبيرًا من الإنترنت — تقع مقراتها داخل نطاق تلك الدول، وتخضع لقوانينها، ما يجعل من الممكن الوصول للبيانات عند الطلب القضائي أو الأمني.

ما الذي يعنيه ذلك للأمن السيبراني الوطني؟

هذا التركّز في السيطرة التقنية يجعل من الضروري أن تُعيد الدول — خصوصًا العربية — بناء استراتيجيات سيادتها الرقمية، من خلال:

1 استضافة خوادم محلية لتقليل الاعتماد على الخارج.

2 تطوير مراكز بيانات وطنية مؤمّنة.

3 اعتماد تشفير محلي للاتصالات الحساسة.

4 تشجيع التحول نحو بنى سحابية وطنية (Sovereign Cloud).

إنّ الأمن السيبراني لم يعد مسألة فنية فقط، بل قضية سيادة وطنية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com