دلائل دخول الوسم

بقلم 🖋️ راشد بن محمد
للوسم دلائل وعلامات يعرفها أهل الخبرة والفلك، وقد توارثها الناس جيلًا بعد جيل، منها ما يعتمد على الحساب الفلكي، ومنها ما يقوم على المشاهدة الميدانية، ومنها ما يُعرف من تغيّرات الطبيعة في الأرض والسماء والنبات والحيوان
يُعدّ الحساب الفلكي من أقدم الطرق لمعرفة دخول الوسم، وهو مرتبط بطلوع نجم سهيل، الذي تُحسب منه بداية السنة السهيلية.
وينقسم المهتمون في ذلك إلى طريقتين:
1. طريقة الحساب من بداية سهيل ، وهي الطريقة المعروفة عند العرب، حيث يُحسب دخول الوسم بعد مرور 53 يومًا من طلوع نجم سهيل، فيكون الوسم في منتصف أكتوبر تقريبًا من كل عام.
2. طريقة المشاهدة والرؤية المباشرة ، وهي التي يعتمدها أهل البادية والعارفون بالنجوم، حيث يراقبون طلوع نجم العوا ء في نجد بالعين المجردة، ويبدؤون العدّ من اليوم الذي يُرى فيه النجم في الأفق الجنوبي الشرقي قبل الفجر.
وممن وثّق دخول سهيل في نجد في الزمن القديم أيام صفاء الأجواء ، الفلكيان راشد الخلاوي رحمه الله ومحمد القاضي رحمه الله.
وهذان العالمان أثبتا أن طلوع سهيل في نجد يكون في 24 أغسطس ميلاديًا، وهو ما عُرف عند أكثر العرب بأنه بداية السنة السهيلية، ومنها يبدأ الحساب لجميع الفصول والنجوم.
وهناك من يُقدّم دخول سهيل بأربعة إلى ستة أيام، لكن الغالب عند جمهور الفلكيين والرواة أن 24 أغسطس هو اليوم الأدق والأثبت.
وقد أكد ذلك حديثًا كلٌّ من مركز جدة الفلكي ومركز العجيري بالكويت، حيث أعلنا أن نجم سهيل يوافق 24 أغسطس لعام ٢٠٢٥
علامات طبيعية لدخول الوسم
بعد انقضاء المدة المحسوبة من طلوع سهيل، تبدأ العلامات الطبيعية التي تُنبئ عن دخول الوسم فعلًا، وهي علامات ظاهرة في الأرض والسماء والنبات والحيوان يعرفها أهل التجربة والخبرة.
من العلامات الجوية :
انخفاض محسوس في درجات الحرارة خصوصًا آخر الليل ، اعتدال الأجواء وهدوء الرياح الشمالية الحارة ، ظهور السحب الركامية والديمية من جهة الغرب والجنوب الغربي ، ارتفاع نسبة الرطوبة وتكوّن الندى في الصباح الباكر ، تغيّر رائحة الهواء ليصبح أكثر نقاءً وبرودة.
علامات تظهر في النبات : اخضرار اوراق الاشجار وإنبات النفل، ، الشيح، الربلة، العرفج، والعوسج بعد أول مطر بإذن الله.
اخضرار الأرض سريعًا خصوصًا في الأراضي الرملية ، نشاط الأشجار البريةو بعد سكونها الصيفي، بداية موسم زراعة القمح والبرسيم والخضار الشتوية.
علامات تظهر على الارض
صدور رائحة المطر الأولى (رائحة الأرض بعد المطر)، وهي علامة مميزة للوسم، تشقق التربة اليابسة وامتصاصها للماء ، امتلاء المنخفضات والشعاب بمياه الأمطار الأولى ، اعتدال حرارة الرمال ليلًا حتى تصبح باردة الملمس.
علامات توجد في الحيوان
مثل ازدياد نشاط الإبل والأغنام في الرعي بعد أول مطر ، ولادة الأغنام والماعز (أمهات الأودا) ، ظهور الطيور المهاجرة مثل القميري، الكراوين، الرهو، النحم، البلابل وغيرها ، سكون الزواحف تدريجيًا مع انخفاض الحرارة ، سماع أصوات الضفادع والحشرات الليلية بعد نزول المطر.
هكذا كانت الرؤية مرتبطة بالحساب عند العرب؛ فمن طلوع سهيل في 24 أغسطس تبدأ العدّة، وبعد مرور الأسابيع تأتي دلائل الوسم واضحة للعيان، وبها يعرف الناس بداية موسم المطر والخير، كما في سائر الطوالع والنجوم على مدار السنة.
وتزداد في فترة الوسم الحركةُ الاقتصادية في مختلف المناطق، وخاصةً عند أهل البر والرحلات ومحبي الكشتات، فَيُقبل الناس على محلات بيع أدوات الرحلات والتخييم، ويكثر الطلب على الخيام، والفحم، والحطب، وأدوات الطبخ والقهوة، كما تنشط محطات الوقود بسبب كثرة المرتادين للبراري والمناطق البرية.
ويُعدّ موسم الوسم من المواسم التي تشهد انتعاشًا اقتصاديًا ملحوظًا، إذ يجتمع فيه جمال الأجواء، ورغبة الناس في الخروج للطبيعة، وحركة البيع والشراء.
وبذلك يكون الوسم بشائره واضحة في السماء، وأثره في الأرض، وحياته في النبات والحيوان، وهو موسمُ خيرٍ ونماءٍ وجمالٍ عظيمٍ من نعم الله على عباده.