عبدالجبار.. الرجل الذي أصلح سيارات الأفلاج وأصلح قلوبهم قبل الرحيل”

العنود عبدالرحمن العصفور _ الافلاج

في زاوية من زوايا الأفلاج حيث تختلط رائحة البن بزيت المكائن اجتمع رجال المحافظة في ليلة مختلفة ليلة وداعٍ لرجل لم يكن غريبًا بل كان جزءًا من ذاكرة المكان اسمه عبدالجبار — الهندي الذي جاء شابًا قبل 48 عامًا فصار مع الزمن أبًا وأخًا وصديقًا لكل من عرفه.

قبل نصف قرن دخل عبدالجبار إلى ورشة صغيرة في مؤسسة الشيخ عبدالرحمن بن ناصر أبو تجين يحمل صندوق أدواته وابتسامة هادئة ، كان يصلح السيارات لكنه في الحقيقة كان يصلح القلوب يسكب طيبته في كل برغي ومفتاح، ويمنح نصيحة قبل أن يطلب الأجر.

مرت السنين تبدلت الوجوه رحل مؤسس المؤسسة وكبر عبدالجبار لكن شيئًا واحدًا لم يتغير: وفاؤه ظل في مكانه وفي كل صباح يفتح باب الورشة وكأنها بوابة عمره.

وحين جاء يوم الوداع لم يكن حفل تكريم عاديًا بل عرسًا للوفاء ، وقف الحضور تتسابق دموعهم مع كلماتهم أحدهم قال: “عبدالجبار ما هو عامل هذا رجل منّا وفينا يعرف السيارة من صوتها ويعرف قلوبنا من نظراتنا.

قُدمت له الدروع والزهور وارتسمت ابتسامة هادئة على وجهه يخفي خلفها مزيجًا من الفخر والحنين ، ثم قال بصوته المتهدّج: “الأفلاج ليست مكان عمل الأفلاج بيتي.”

ليست القصة عن مغتربٍ أنهى خدمته بل عن إنسانٍ كتب اسمه في ذاكرة مدينةٍ كاملة

عبدالجبار غادر الأفلاج لكنه ترك فيها أثرًا لا يُغادر — أثر الصدق والوفاء والإنسانية التي لا تُشترى ولا تُنسى.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com