مما راق لي

بقلم / لمياء المرشد
راق لي ذاك الإنسان الذي يعرف أين يضع خطاه، فيرفع رأسه نحو السماء متذكراً أن فوقه رباً يراه، فيخجل أن يخون، أو يظلم، أو يضر نفساً خلقها الله. يعجبني ذاك الذي قبل أن يُقدم على أي تصرف، يُفكر في حسابه بين يدي الله قبل حساب الناس، فيُجاهد نفسه، ويُزكي روحه، ويحفظ قلبه من السوء مهما اشتدت عليه الأيام.
راق لي ذاك الإنسان الذي ينشغل ببناء نفسه، لا بهدم غيره. يسير بثبات في دروب النجاح، منشغلاً بإنجازاته، راضياً عن خطواته، لا يلتفت لحاسد ولا لحاقد، يعلم أن السكينة رزق، وأن انشغاله بنفسه أولى من الالتفات لمن يحاول أن يثنيه عن طريقه. هو ذلك الذي لا يتباهى بما يصنع، ولا يصرخ بإنجازاته، بل يترك أثره يتحدث عنه في صمت.
ما أروع من يسير في هذه الدنيا، ملتفتاً يميناً وشمالاً، ليجد سند عائلته معه، حوله، خلفه، وفي قلبه. ذاك الذي أدرك أن النجاح لا يكتمل وحده، وأن أجمل الإنجازات تلك التي تشاركك فيها أسرتك، وتدعو لك من قلبها وأنت تسير.
راق لي ذاك القلب الذي لا يعرف الحقد ولا الحسد، ذاك الإنسان الذي يرى الخير في غيره فيفرح، ويتمنى للجميع ما يتمناه لنفسه. هو الذي يعلم أن الطمأنينة لا تُشترى، وأن القلب الأبيض هو مكسب في زمن القلوب المثقلة بالضغائن. لا يحمل في صدره سوى المحبة، يمر على الناس خفيفاً كنسمة صباح، حاضراً كالمطر، طيب الأثر كالعطر.
ذلك الإنسان… راق لي كثيراً، وأدعو الله أن أكون منه، أو أن أحيط نفسي بأمثاله