البطل الصامت وسط فوضى المصاريف

بقلم: نوره الدوسري
في زمنٍ تتسابق فيه الأصوات على الرفاهية، وتُقاس المكانة بما يُنفق لا بما يُنتج، يظهر “البطل الصامت”… ذاك الذي لا يرفع صوته بالشكوى، ولا يلوّح بإنجازاته في وجه أحد، لكنه يحمل على كتفيه عبءَ الأيام بهدوءٍ وصبرٍ نادر.
إنه الأب… الموظف البسيط، أو الأم التي تدير بيتًا بأعصابٍ من ذهب، أو الشاب الذي يحلم بأمانٍ مالي في زمنٍ يلهث خلف الكماليات. هم الأبطال الحقيقيون الذين يعيشون وسط “فوضى المصاريف” دون أن يفقدوا اتزانهم أو إنسانيتهم.
في زمنٍ تتبدّل فيه الأولويات، ويُقاس النجاح بكمّ الفواتير المسدّدة والرحلات المنشورة، يبقى هؤلاء صامتين لأنهم مشغولون بما هو أثمن: أن تبقى الأسرة متماسكة، وأن يعيشوا بكرامةٍ رغم الغلاء، وأن يبتسموا في وجه الحياة ولو كان الجيب فارغًا.
هؤلاء لا يعرفون التفاخر، بل يعرفون معنى التدبير، ويعلّمون أبناءهم أن الكرامة ليست في كثرة المال، بل في حسن التصرف فيه.
إنهم يمارسون البطولة يوميًا، دون تصفيقٍ أو عدسات، لأنهم ببساطة… يختارون أن يكونوا العمود الصلب الذي لا يسقط مهما هبّت العواصف.
وفي النهاية، وسط فوضى المصاريف، وضجيج الاستهلاك، يظل البطل الصامت هو من يوازن بين الواجب والحلم، بين الرغبة والضرورة، بين أن يعيش… وأن يُبقي الآخرين على قيد الأمل.