التحديات في القيادة وكيفية التغلب عليها
بقلم/ الدكتورة سارة عبد الله القحطاني
خلال رحلتي المهنية، واجهت العديد من التحديات التي شكّلت جزءًا لا يتجزأ من مسيرتي نحو القيادة. التحديات ليست عقبات تمنعنا من التقدم، بل هي فرص تعلم ونمو تساعدنا على تطوير قدراتنا وصقل مهاراتنا. سأشارككم بعض هذه التحديات وكيفية التغلب عليها.
التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية:
أحد أكبر التحديات التي واجهتها كان تحقيق التوازن بين حياتي الشخصية والمهنية. كطبيبة، كانت ساعات العمل الطويلة والضغط المستمر جزءًا من يومياتي، مما جعل من الصعب الحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة الشخصية. تعلمت أن المفتاح هو إدارة الوقت بفعالية وتحديد الأولويات. أصبحت أكثر وعيًا بأهمية تخصيص وقت للراحة والاستجمام، مما ساعدني على أن أكون أكثر إنتاجية وتركيزًا في العمل.
العمل تحت الضغط:
خلال تجربتي في قسم الطوارئ وفي موسم الحج، كان عليّ التعامل مع حالات طارئة ومعقدة تتطلب اتخاذ قرارات سريعة تحت ضغط شديد. تعلمت أن الهدوء والتركيز هما أساس النجاح في مثل هذه الظروف. كنت أحرص على الاستعداد المسبق والتدريب المستمر، مما زاد من ثقتي بقدراتي وساعدني على التعامل مع المواقف الصعبة بفعالية.
التغيير والتكيف:
العالم الطبي دائم التغير، سواء من حيث التكنولوجيا أو البروتوكولات العلاجية. كان التكيف مع هذه التغيرات المستمرة تحديًا كبيرًا. الحل كان في التعلم المستمر والتطوير الذاتي. من خلال حضور المؤتمرات وورش العمل، والبقاء على اطلاع دائم بأحدث المستجدات في المجال.
القيادة وإدارة الفرق:
تولي مسؤولية قسم التعليم الطبي والتدريب كان يتطلب مني قيادة فريق متعدد التخصصات، وهو ما شكل تحديًا جديدًا بالنسبة لي. تعلمت أن القائد الناجح هو الذي يستمع لآراء فريقه ويشجعهم على المشاركة الفعالة. كنت أحرص على بناء بيئة عمل تحفّز على التعاون والإبداع، مما ساعدني على تحقيق أهداف القسم بفعالية.
التغلب على التحيزات والتوقعات الاجتماعية:
كوني امرأة في مجال طبي يتطلب الكثير من القوة والتحمل، كان عليّ التعامل مع بعض التحيزات والتوقعات الاجتماعية. التغلب على هذه التحديات كان يتطلب الثقة بالنفس والإصرار على تحقيق أهدافي. كنت أركز على العمل الجاد والنتائج التي أحققها، مما ساعدني على تغيير بعض هذه التحيزات وبناء سمعة قوية في مجالي.
نصائح للمرأة الطموحة
لكل امرأة تسعى لتحقيق أحلامها والدخول في مجال القيادة، أود أن أشاركك بعض النصائح من رحلتي وتجربتي الشخصية. آمل أن تساعدك هذه النصائح في تحقيق أهدافك وتجاوز التحديات التي قد تواجهينها.
1. كوني واثقة من نفسك: الثقة بالنفس هي الأساس لأي نجاح. عندما تؤمنين بقدراتك، ستكونين قادرة على مواجهة أي تحدٍ بثبات وقوة. لا تدعي الشكوك تسيطر عليكِ، وثقي بأن لديكِ القدرة على تحقيق أهدافك. تذكري أن كل قائدة ناجحة بدأت من نقطة ما، والثقة بالنفس كانت دائمًا جزءًا من هذه الرحلة.
2. استمري في التعلم: لا تتوقفي عن التعلم والتطوير. العالم يتغير بسرعة، والمعرفة تتطور باستمرار. كوني على اطلاع دائم بأحدث المستجدات في مجالك، وكوني مستعدة لاكتساب مهارات جديدة تعزز من كفاءتك القيادية. احرصي على حضور المؤتمرات، وورش العمل، والدورات التدريبية التي يمكن أن تضيف إلى معرفتك ومهاراتك.
3. ابحثي عن الفرص: كوني دائمًا مستعدة لاستغلال الفرص التي تأتي في طريقك. الفرص قد تكون غير متوقعة، لذا يجب أن تكوني يقظة ومستعدة للقبض عليها عند ظهورها. لا تخافي من المخاطرة، فبعض أعظم النجاحات تأتي من الجرأة على المحاولة. كوني مبادرة وابحثي عن التحديات التي تخرجك من منطقة راحتك.
4. كوني مرنة: تعلمي كيفية التكيف مع التغيرات والتحديات. المرونة هي مفتاح النجاح في أي بيئة متغيرة. عندما تواجهين تحديات غير متوقعة، كوني مستعدة لتغيير خططك واستراتيجياتك بما يتناسب مع الوضع الجديد. المرونة تتيح لك التعامل بفعالية مع الضغوط والتغييرات المفاجئة، وتحافظ على تركيزك نحو تحقيق أهدافك.
5. ابني شبكة دعم: احرصي على بناء شبكة من العلاقات المهنية والشخصية التي تدعمك. العلاقات القوية مع الزملاء، والموجهين، والأصدقاء، يمكن أن تكون مصدر قوة ودعم كبيرين في رحلتك القيادية. كوني جزءًا من مجتمعات ومجموعات مهنية تشاركك نفس الاهتمامات والطموحات. الاستفادة من تجارب الآخرين ونصائحهم يمكن أن تكون لها قيمة كبيرة في تحقيق النجاح.
6. كوني مثابرة: النجاح لا يأتي بسهولة، يجب أن تكوني مثابرة وتستمري في العمل بجد لتحقيق أهدافك. التحديات والصعوبات جزء من الطريق، لكن الإصرار والمثابرة هما ما يميز القادة الناجحين. لا تستسلمي عند أول عقبة، بل تعلمي منها واستفيدي من الدروس التي تقدمها لك. العمل الجاد والمثابرة سيؤديان في النهاية إلى تحقيق أهدافك.
7. كوني متواضعة: التواضع صفة هامة للقائد الناجح. كوني مستعدة للاستماع للآخرين وتقبل آرائهم ونصائحهم. التواضع يساعدك على التعلم المستمر والتطور الشخصي. كوني قائدة تستمع وتتعلم من فريقها، وكوني نموذجًا للتعاون والتفاعل الإيجابي.
8. اعتني بنفسك: في خضم السعي لتحقيق الأهداف والطموحات، لا تنسي أن تعتني بنفسك. الحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة الشخصية أمر ضروري. خذي وقتًا للراحة والاسترخاء، ومارسي النشاطات التي تجلب لك السعادة والراحة. الصحة الجسدية والنفسية هي مفتاح الأداء الجيد في العمل.
9. ابحثي عن موجهين: وجود موجه أو مرشد يمكن أن يكون له تأثير كبير على مسيرتك المهنية. ابحثي عن أشخاص لديهم الخبرة والحكمة الذين يمكنهم تقديم النصائح والتوجيه لك. الموجهين يمكن أن يساعدوك في تجنب الأخطاء وتقديم رؤى قيمة لتحقيق أهدافك.
10. كوني قائدة تخدم الآخرين: القيادة ليست فقط توجيه الآخرين، بل هي أيضًا خدمة الآخرين. كوني قائدة تهتم بفريقها وتعمل على تمكينهم وتحفيزهم. القائدة التي تخدم الآخرين ببساطة تكسب احترامهم وتقديرهم، وتحقق نتائج أفضل من خلال العمل الجماعي والتعاون.
الخاتمة
لكل امرأة طموحة تسعى لتحقيق أحلامها في مجال القيادة، أقول لها: كوني واثقة من نفسك، استمري في التعلم، ابحثي عن الفرص، كوني مرنة، ابني شبكة دعم قوية، وكوني مثابرة. الأهم من ذلك، تذكري أن القيادة الحقيقية تبدأ بخدمة الآخرين والاهتمام بهم.