الحسد.. داء القلوب الذي يفرق ولا يجمع”

بقلم / لمياء المرشد
لفت نظري اليوم موضوع خطبة الجمعة التي تناولت الحسد، وكان اختيارًا موفقًا للغاية، إذ أن هذه الآفة من أخطر ما يبتلى به المجتمع، ولا يكاد يخلو منها بيت أو بيئة عمل أو علاقة إنسانية. فالحسد ليس مجرد شعور عابر، بل هو نار خفية تشتعل في القلوب فتأكل حسنات صاحبها قبل أن تنال من غيره، وهو داء قديم بدأ منذ قصة ابني آدم عليه السلام حين دفع الحسد أحدهما إلى قتل أخيه، ومنذ ذلك الحين ظل الحسد سببًا للتفريق بين الإخوان وقطع أواصر الصداقة وإشعال العداوات بين الزملاء.
الحسد يترك أثرًا عميقًا على الفرد، إذ يعيش الحاسد في قلق دائم لا يرى النعم التي عنده، بل ينشغل بما عند الآخرين فيفقد راحته وسعادته ويظل في صراع داخلي يرهق قلبه وروحه. وعلى مستوى المجتمع يولد الحسد البغضاء والكراهية ويزرع الفتن بين الناس ويؤدي إلى تعطيل الإنجازات والعمل الجماعي، فما أكثر الخلافات التي كان منشؤها حسد مكتوم.
وللوقاية من هذا الداء يحتاج الإنسان إلى تعزيز الرضا بالقضاء والقدر، فالخالق هو الذي يقسم الأرزاق والبركات، كما أن الانشغال بشكر النعم والنظر إلى ما بين أيدينا بعين الامتنان يطفئ نار الحسد، والدعاء للغير بالبركة بدلًا من تمني زوال النعمة يجلب الخير والبركة للجميع، إضافة إلى تربية الأبناء منذ الصغر على حب الخير للآخرين فهي وقاية من انتشار هذه الآفة في الأجيال القادمة.
إن معالجة الحسد تبدأ من القلب، فهو امتحان للنية والإيمان، ولا يزول أثره إلا بالتقوى ومجاهدة النفس. والمجتمع الذي يتحرر من هذه الآفة هو مجتمع يسوده التعاون والمحبة والتكامل