الدكتور الصميلي.. بين السطر والموقف، رجلٌ بحجم الوطن(٢)

بقلم الكاتبة بدرية عيسى -جازان

في ملامحه تقرأ الحكمة، وفي صوته تنصت للمعرفة، أما في سيرته، فتمضي بين سطورها كأنك تعبر صفحات من تاريخٍ وطني نابض. إنه الدكتور علي بن حسين الصميلي، قامة علمية وثقافية وإعلامية، حفرت حضورها في ذاكرة جازان والوطن بأكمله.

ولد الدكتور الصميلي في منطقة جازان، حيث تشكلت ملامحه الأولى بين جبالها وسهولها، وانطلق منها ليكون صوتًا وطنيًا وثقافيًا حاضرًا في كبرى المحافل. تنقل بين ميادين الفكر والإدارة والإعلام، وكان أينما حلّ، يترك أثرًا يليق بالرؤية، ويوازي قيمة الانتماء.

رجل المناسبات الوطنية

ما من مناسبة وطنية مرّت دون أن يكون الصميلي أحد أركانها: محاضرًا، أو متحدثًا، أو كاتبًا، أو منظمًا، أو مشرفًا. شارك في احتفالات اليوم الوطني في مختلف محافظات جازان، وألقى محاضرات نوعية وقدم أوراق عمل في مناسبات البيعة ويوم التأسيس. في كل ورقة، كان يحمل الوطن في قلبه، وفي كل منصةٍ كان عنوانه: “السعودية أولًا”.

صوت الإعلام ومهندس الكلمة

أدار مكتب جريدة عكاظ بجازان، فكان نافذة الجنوب نحو المركز، وعيون المركز نحو تفاصيل الوطن في جنوبه. كتب، وحرّر، ووجّه، وفتح المجال لأصوات عديدة لتُسمع، وكان الإعلام في حضرته، أداة تنوير لا ترويج.

باحثٌ في عمق التاريخ

قدّم أوراقًا بحثية مميزة في مؤتمرات وطنية وخليجية، تطرقت إلى تاريخ المخلاف السليماني، وتحولات الحكم في جنوب الجزيرة، وأثر التدوين التاريخي، والعلاقات بين الأشراف والعثمانيين، وحملات الشريف حمود، وغيرها من الموضوعات التي شكّلت ذاكرة المنطقة ووجهها الحضاري.

لم يكن باحثًا في الهامش، بل في المتن. ولا كان مستعرضًا للأحداث، بل ناقدًا ومحللًا، يربط الماضي بالحاضر، ويستشرف المستقبل من خلال المعطيات التاريخية.

تكريم الوطن له… في حضوره وغيابه

عضويته في لجان التوثيق الوطنية، ومشاركاته في الجنادرية، وتمثيله للمنطقة في مناسبات الدولة، ليست سوى شهادة من الوطن لرجلٍ أخلص له. شغل مناصب استشارية في إمارة جازان، ودار الملك عبدالعزيز، وكان مرجعًا لمن أراد الحديث عن جازان بتاريخها، وإنسانها، وتحوّلاتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com