الساكن الخفي

بقلم:هيا عبد الجبار
في بيتها كان هناك من يسكن بجوارها ،جاراً ليس
من البشر.
بل من مخلوقات صغيرة اختارت جزءاً صغيراً تحت عتبة دارها، وبنت فيها مستعمرة لا تبارحها، رغم محاولات المكافحة المستمرة .
بيت النمل..
كان جزءاً صغيراً من المنزل ، لكنها محاطة بجيش من النمل لايسمح لأي حركة بالاقتراب ، ويدافع عن مستوطنته بكل ماأوتي من قوة .
لم يخطر في بالها أن هذا النمل الكثيف المستوطن قد يكون نتيجة “سبب غامض”، يقتسم معها جدران بيتها وأيامها دون علمها.
استنفذت جميع طرق المكافحة مبيدات ، ملح ، قرآة قرآن .. كان يختفي فترة وجيزة ليستجمع طاقته ويفاجئها من جديد ، تصرخ .. ارجوكم اخرجوا من بيتي ، ماذا تريدون مني !!
وكلما زادت في مكافحته زاد عناداً وشراسة في الانتشار ..وازدادت الحالة سوءًا ..
فصارت له أجنحة بيضاء، وصار يغزو البيت كله.
على الأرض، فوق السرير، على الجدران كأنه معسكر طوارئ أو مطار طائر.
ياالله ماهذا ؟
إنه شي مخيف ، ياله من أمر مرعب يقض مضجعها ، وعبثاً عادت للمبيدات دون جدوى فرّ النمل ثم عاد.
وهنا قررت الفرار والنجاة بنفسها .
تركت البيت بما فيه، وسكنت بيتاً آخرفي حي راقٍ، وأثاث جديد، وهي تشعر بالتفاؤل بحياة أكثر راحة وأماناً .
وبعد خوف وعناء ، نامت ، لأول مرة بعمق…
فرأت جيشاً من النمل، يسير في موكب طويل،
من عتبة بيتها القديم إلى عتبة بيتها الجديد،
يجرّ أذياله خلفها.. لتصحو وتراه حقيقة ماثلة أمامها ليبقى بجوارها مدى الحياة..طالباً منها الاستسلام مقابل السلام .
ثم صرخت .. إلى متى ..؟