الشخصية الذبابية… نفوسٌ تقتات على الخبث

إيمان المغربي
من واقعنا، هناك شخصيات تتكرر كل يوم، تحيط بنا، تعيش بيننا، نتعامل معها، لكنها ليست كغيرها. البعض يختار أن “يشتري راحته” ويتعالى عنها، متجاوزًا وجودها؛ لا لضعفٍ فيه، بل لاعتبارات لا تدركها الشخصيات الذبابية، ولا تعرفها أصلاً.
الذبابة البشرية.
إن مرّت حولكم، أو شعرت بوجودها، تعاملوا معها كما تتعاملون مع المرضى. نعم، هي السبب في ما تعاني، فلتُشفقوا عليها، وادعوا لها بالشفاء من هذا البلاء. فهو داءٌ ليس ظاهريًا، بل هو مرضٌ داخليّ، يسكن الروح ويفسد القلب.
من هي “الشخصية الذبابية”؟
هؤلاء أشخاص يعيشون بيننا، مهمّتهم بثّ السمّ والخُبث، حتى في أجواء هادئة، وفي لحظات صفاء، لا يتوقفون. كأنهم خُلقوا فقط لتخريب الصفو، وبثّ الفتنة، ونشر الكراهية، والتفريق بين الناس.
ما يؤلم أكثر… أن بعضهم يكونون من نفس العائلة، يزرعون الشرّ دون سببٍ واضح، فقط لأن داخلهم أرضٌ خبيثة، زُرعت فيها بذور الحقد، وسُقيت بالغيرة والحسد.
الله -عز وجل- خلق الإنسان في أحسن تقويم، لكن البعض يُصرّ أن يردّ نفسه إلى أسفل السافلين. هم بأنفسهم اختاروا السقوط، وسكنوا القاع. نفوسهم تشبه المستنقعات، لا تنبت إلا الشرّ، ولا تخرج إلا العفن.
ومثلما الذبابة تحوم بلا هدف، نهايتها دائمًا تافهة، كذلك هم. يتصرفون تصرفات تدل على ما بداخلهم من خبثٍ وسواد. والمفارقة المؤلمة أنهم يكيدون لأشخاصٍ أنقى منهم، لأناس لا يحملون لهم سوى الحبّ أو الاحترام.
هؤلاء الذين يكيدون لهم، لا يتأثرون، بل يردّدون في سرّهم: “إذا كان يكيدني، فأنا أزداد صفاءً وقوة.”
إن الخبثاء، مهما حاولوا التخفّي، فإن وجوههم تفضحهم. تصرفاتهم تُعلن عنهم دون قصد. يعتقدون أن لا أحد يشعر بهم، لكنهم مكشوفون… مفضوحون أمام من حولهم. هم أعداء أنفسهم أولاً.
واحياناً يتجاهلون من هم افضل منهم حسد وغيرة او بدون اسباب تذكر لا يعلمون انهم مفضوحون أمام من حولهم والكارثة إذا كانوا غير متزوجون ينشأون على هذا الطبع الخبيث والطرف الآخر يجد ان نصر له ومحط اهتمام لكن في نهاية يلتمس الطرف الآخر العذر لهم لان هذا خبث في تربيتهم وأصبح طبع فيهم لا حيلة لطرف إلا ان يقول الحمدلله الذي عافانا مما
ابتلاهم به والأصعب أن خبثهم لا يفرّق بين قريب أو غريب. قد يسيئون لأشخاص يحبونهم، يحترمونهم، بل يتعاملون معهم بتقوى الله. لكن تلك المفاهيم لا وجود لها في قواميسهم، فقلوبهم لا تعرف النقاء، ولا تفهم معنى الصفح.
النهاية حتمية… تمامًا كما تعرف نهاية الذبابة. تسقط وحدها، بسبب طبعها، لأن النهاية دائمًا تشبه المسار.
والأدهى، أن أمثالهم لا يتحركون وحدهم، بل يحيطون أنفسهم بأشباههم، فـ “الطيور على أشكالها تقع”. وإن استطاعوا تلويث نفسٍ ما، فاعلم أن تلك النفس كانت تحمل القابلية.
أما النفوس النقية، فلا يمسّها الخبث؛ لأنها ببساطة غير قابلة للعدوى، منشغلة بذاتها، بطريقها، لا تنظر إلى الوراء.
نصيحة للشخصية الذبابية:
ارحمي نفسك، فأنتِ تجنين على ذاتك.
وانتبهي… فأنتِ مكشوفة، تفضحين نفسك بنفسك، ويدرك من حولك ما تحاولين إخفاءه. لكن لا ترفعي سقف توقعاتك، ولا تطمئني، فالنقيّ حين يثور… يحرق كل شيء، ولا يُبقي ولا يذر.
فاحذري! فالرصيد النقي قوي… لا يُستهان به.