العام التاسع لأبي

لمياء المرشد – رئيس التحرير
ها هو العام التاسع يمر، وأنت في مرقدك بجوار ربك، لكن غيابك لا يزال يؤلمني كما لو كان بالأمس. رغم مرور السنوات، إلا أن قلبي لم يعتد على غيابك، ولا زلت أفتقدك في كل تفاصيل حياتي. كنت أظن أن الوقت قد يخفف من ألم الفقد، لكنه لم يفعل، بل علّمني كيف أتعايش مع الشوق، وكيف أخبئ دموعي خلف ابتسامة أواسي بها نفسي.
أفتقدك يا أبي، حتى وأنا في هذا العمر، أفتقدك في اللحظات التي كنت أحتاج فيها إلى نصيحتك، إلى نظرتك التي كانت تملؤني طمأنينة، إلى يدك التي كانت تمتد إليّ حين أشعر بالضعف. كم أشتاق إلى حديثك الدافئ، إلى ضحكتك التي كانت تبعث الحياة في كل شيء، إلى تلك اللحظات البسيطة التي كانت تعني لي الدنيا.
رحلتَ بجسدك، لكنك لم ترحل عن روحي، ما زلت أسمع صوتك في ذاكرتي، وأشعر بوجودك معي في كل خطوة أخطوها. كلما نظرتُ إلى السماء، دعوت لك، وكلما شعرتُ بالحزن، لجأتُ إلى وصاياك التي تركتها لنا، كأنك كنت تعلم أنني سأحتاج إليها يومًا ما.
الكل يذكرك بالخير، وسيرتك العطرة لا تزال تُروى بين الناس، وما أجمل الإرث الذي تركته لنا! لم يكن ميراثك مالًا أو أشياءً مادية، بل كان حبًا وذكرى جميلة وسيرة طيبة لا تزال تعيش بيننا.
يا أبي، لن أنساك ما حييت، وسأظل أدعو لك بظهر الغيب، وأسأل الله أن يجعل قبرك روضةً من رياض الجنة، وأن يجمعني بك في دار لا فراق فيها ولا ألم، في جنات الخلود حيث اللقاء الأبدي. رحمك الله بقدر ما أحببتنا وأحببناك، وجعل مثواك الجنة يا أغلى من سكن القلب.”