العشق العظيم
محمد صلى الله عليه وسلم
بلقيس الشميري _جدة
عندَ اكتمالكَ عانقَ الفجرُ المدى
والنورُ حددَ للبريةِ موعدا
ليلٌ وتقتربُ السماءُ وتنحني
قممُ الخيالِ لِما تبدّى أو بدا
قلبٌ يلامسُ رجعَ صوتٍ مُلهِمٍ
دوى بسمعِ الغارِ وارتدَّ الصدى
(اقرأ) يقولُ الوحيُ، والروحُ التي
نطقتْ ترفرفُ في انبثاقِ المبتدا
فيضٌ من الملكوتِ يسكبُ سرَّهُ
في سرِّهِ وبفجرهِ سُكِبَ الندى
والغارُ هيأَ نفسهُ رحِماً ليرسمَ
في مسافاتِ الزمانِ المولدا
ليزورَهُ الروحُ الأمينُ محملًا
بالمعجزاتِ وبالرسالةِ والهدى
قبسٌ من النورِ القديمِ، وخطوةٌ
نحوَ الحياةِ بها الظلامُ تبددا
وسرى لمنزلهِ البسيطِ وزوجُه
عرفتْ بأنَّ الوحىَ زارَ محمدا
إنْ زمَّلتهُ فالحقيقةُ قد بدتْ
نورًا على وجهِ الحبيبِ توقّدا
وبـ (قُمْ فأنذرْ) قامَ يسكبُ قلبَهُ
للكـائـنـاتِ مـحـبـةً وتـودُّدا
فأعادَ هيكلةَ الحياةِ لتحتوى
أبعادَهُ في قلبِهِ فتمددا
وقفَ الوجودُ على فِناءِ فؤادِهِ
مستوحياً من نورهِ ما شيدا
صلى فصلى الكونُ أولَ بسمةٍ
وأتمَّ بالبِشرِ العظيمِ المشهدا
(يا أيها الناسُ)، وتلكَ قيامةٌ
أولى تُحطّمُ في النيامِ المرقدا
ما قالها أحدٌ سواهُ ، فوحدتْ
كلَّ الشعوبِ وحررتْ ما استُعبِدا
أسنانُ ذاكَ المشطُ صورةُ ثورةٍ
جاءتْ فساوتْ أبيضاً أو أسودا
قد أُدميَتْ قدماهُ لكن خطوُهُ
يرنو إلى الآتي ويقرأُ أبعدا
ملكُ الجبالِ يقولُ هلْ من حاجةٍ
لكنهُ في الحِلمِ لن يترددا
بفؤادِهِ يرنو إلى أصلابِهمْ
فعسى تورِّثُ من يجيءُ مُوحِّدا
أحياَ الحياةَ لنا بنفخةِ روحهِ
حتى تردى في انبعاثتِنا الردى
ما غرَّهُ فتحٌ، فطأطأ رأسَهُ
وأناخَ عفواً في الديارِ وجسّدا
صلى عليه الشعرُ حرفاً سابحاً
في بحرِ معناهُ الذي لن ينفدا
لولاهُ ما هتكَ الهوى أستارَهُ
كلّا ولا جعلَ المحبةَ معبدا
لا أدري إنْ ألقاهُ أيُّ محبةٍ
تجتاحُ أوردتي فأنهلُ موردا
حتماً سأجثو في المقامِ وحينها
أبكي بلوعةِ من أحبَّ وما اهتدى
وأغيبُ عشقاً في انبثاقِ وجودهِ
وأعودُ بالعشقِ العظيمِ مُسددا