العمر ليس مقياسًا للعقل

بقلم لمياء المرشد
كثيراً ما نظن أن التقدم في العمر مرادف للحكمة، وأن عدد السنوات التي يعيشها الإنسان دليل على نضجه ورجاحة تفكيره، لكن الحقيقة أبعد ما تكون عن هذا التصور. فالعقل لا يُقاس بالسنين، بل بالخبرات، وبالقدرة على الفهم، وبالمرونة التي نتعامل بها مع الحياة ومواقفها.
كم من شاب صغير يحمل في صدره وعياً نادراً، ونضجاً يدهش من حوله، وكم من كبير في السن لا يزال يتعثر في أبسط المواقف، يكرر الأخطاء ذاتها، ويصر على أن العمر وحده يعطيه الأفضلية في كل شيء.
العقل ينمو عندما نُخضع أنفسنا للتأمل، حين نراجع أخطاءنا، ونتعلم منها، لا حين نكررها باسم “الخبرة”. ينضج العقل حين نكون صادقين مع أنفسنا، وحين نعرف أن التواضع لا ينتقص من الكبار، وأن الاحترام لا يُفرض، بل يُكتسب.
في هذه الحياة، نلتقي بأرواح وُلدت كبيرة، وعقول تجاوزت أعمار أصحابها، كما نلتقي بأجساد نضجت، لكن عقولها ما تزال في مرحلة الطفولة، تقف عند أول عقبة، وتتعامل مع الناس بعشوائية، لا تستمع، ولا تتعلم.
إذاً، فلنكبر بعقولنا قبل أعمارنا، ولنجعل من كل عام فرصة لنكون أفضل، لا فقط أكبر. فالعمر مجرد رقم، أما العقل… فهو ما يصنع الفرق.
العمر ليس سوى عدد من السنين التي نعيشها، لكن العقل هو الذي يحدد كيف نعيش تلك السنين. فلتكن أعمارنا مليئة بالحكمة والنضج، ولتكن عقولنا في تطور دائم، فلا قيمة لسنوات دون فهم، ولا لأعوام بدون دروس