المتعلمون الوارثون: التحديات واستراتيجيات الحلول

د. وسيلة محمود الحلبي
قامت الدكتور فاطمة ابو واصل اغبارية بعمل بحث بعنوان : المتعلمون الوارثون: التحديات واستراتيجيات الحلول
ويهدف البحث إلى تسليط الضوء على ظاهر ة المتعلمين الوارثين الذين يعيشون ازدواجية لغوية وثقافية بين لغة الإرث في البيت ولغة المجتمع الأكبر في المدرسة والمؤسسات الرسمية. تستعرض الدراسة التحديات التي تواجه هذه الفئة، بما في ذلك فجوة الهوية، ضعف المهارات الكتابية، الوصمة الاجتماعية، وغياب المناهج المخصصة. كما تقدم أمثلة عملية وإحصاءات دقيقة لتعزيز فهم هذه التحديات، وتقترح مجموعة من الاستراتيجيات العملية والتربوية لتعزيز لغة الإرث والهوية الثقافية. توصل البحث إلى أن الاستثمار في المتعلمين الوارثين يمثل استثمارًا في التنوع الثقافي والهوية الجمعية للأجيال القادمة.
الكلمات المفتاحية: المتعلمون الوارثون، الهوية الثقافية، الازدواجية اللغوية، استراتيجيات التعليم، اللغة والتراث.
وجاء فؤ المقدمة أنه في العصر الحديث، ومع التزايد المستمر لحركات الهجرة، ظهرت فئة جديدة من المتعلمين تُعرف بـ المتعلمين الوارثين (Heritage Learners). هؤلاء الأفراد ينشأون في بيئة مزدوجة لغويًا وثقافيًا، حيث يتعلمون لغة الإرث في محيطهم الأسري بينما يُتوقع منهم استخدام لغة المجتمع الأكبر في المدرسة والمؤسسات الرسمية. هذه الازدواجية تؤدي إلى تحديات مركبة على صعيد الهوية واللغة والانتماء الاجتماعي، ويستدعي دراسة علمية دقيقة لفهم طبيعة هذه التحديات وسبل معالجتها.
وأن اللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي حامل للهوية الثقافية والمعرفة والقيم والتقاليد. فقدان الاتصال بلغة الإرث قد يؤدي إلى ضعف الانتماء الثقافي والتراجع عن ممارسة اللغة، ما يؤثر على قدرة المتعلمين على التعبير الأكاديمي والتفاعل الثقافي والاجتماعي.
ويهدف البحث إلى:
تحليل التحديات الأساسية التي تواجه المتعلمين الوارثين على صعيد اللغة، الهوية، والانتماء الاجتماعي.
اقتراح استراتيجيات تعليمية وثقافية عملية لتعزيز مهارات المتعلمين الوارثين اللغوية والأكاديمية.
تسليط الضوء على دور الهوية الثقافية في دعم تعلم لغة الإرث والحفاظ على التنوع الثقافي.
تقديم إطار عملي يساعد المعلمين وصانعي السياسات التعليمية وأولياء الأمور على التعامل مع هذه الفئة بشكل فعّال.
واعتمد البحث على المنهج الوصفي التحليلي، مع مراجعة الأدبيات الحديثة حول المتعلمين الوارثين، وتحليل الدراسات الميدانية المتعلقة بالازدواجية اللغوية والثقافية. كما تم التركيز على:
الدراسات النظرية التي تناولت العلاقة بين اللغة والهوية والثقافة.
الأبحاث التطبيقية حول استراتيجيات التعليم للمتعلمين الوارثين في بيئات متعددة الثقافات.
تحليل التحديات وفقًا لنماذج التعليم التربوي والاجتماعي الحديثة.
وتم مناقشة التحديات: وهي
1.فجوة الهوية والانتماء
مثال عملي: محمد، متعلم من أصول فلسطينية في ألمانيا، يجيد العربية في البيت لكنه يشعر بالحرج عند استخدام العربية أمام زملائه، ما أثر على ثقته في تقديم العروض الدراسية.
بيانات: دراسة Hornberger & Wang (2008) وجدت أن 68% من المتعلمين الوارثين يعانون صعوبة في التوفيق بين هوية البيت والمجتمع الأكبر.
2- الفجوة اللغوية
مثال عملي: ليلى، متعلمة من أصول مغربية، تتحدث العربية بطلاقة لكنها تواجه صعوبة في كتابة المقالات الأكاديمية باللغة العربية.
بيانات: أبحاث Valdés (2000) تشير إلى أن 74% من المتعلمين الوارثين يحتاجون لدعم خاص في تطوير مهارات القراءة والكتابة بلغة الإرث.
3.الوصمة الاجتماعية
مثال عملي: بعض الطلاب يتجنبون التحدث بلغة البيت في المدرسة خوفًا من التعليقات السلبية أو السخرية.
بيانات: Fishman (2001) أظهر أن 55% من المتعلمين الوارثين يقللون من استخدام لغة الإرث في الأماكن العامة بسبب ضغط المجتمع الأكبر.
.4 غياب المناهج التعليمية المخصصة
مثال عملي: في الولايات المتحدة، يتم تعليم المتعلمين الوارثين ضمن صفوف اللغة الثانية دون برامج متخصصة.
بيانات: Cummins (2000) أشار إلى أن 60% من المتعلمين الوارثين يفتقرون إلى برامج تعليمية تراعي مهاراتهم اللغوية الفريدة.
5. تأثير الإعلام والرقمنة
مثال عملي: الأطفال يتابعون محتوى الإنترنت بلغة المجتمع الأكبر، ما يقلل فرص ممارسة لغة الإرث.
بيانات: دراسة كندية محلية وجدت أن 80% من المتعلمين الوارثين يستخدمون الإنترنت يوميًا بلغة المجتمع الأكبر مقابل 20% بلغة الإرث.
6. استراتيجيات الحلول
1-.تصميم مناهج مخصص
مثال عملي: وحدات تعليمية تجمع بين كتابة المقالات الأدبية والمهارات الشفهية بلغة الإرث، مثل برنامج Heritage Language Curriculum في الولايات المتحدة.
2. دمج التكنولوجيا
مثال عملي: تطبيقات تعليم اللغة مثل Duolingo Heritage وMemrise، توفر ممارسة تفاعلية للغة الإرث.
3. بناء بيئة داعمة
مثال عملي: النوادي الثقافية والأنشطة الأسبوعية التي تشجع الطلاب على ممارسة لغتهم الأم في عروض مسرحية ومسابقات قراءة.
6.تأهيل المعلمين
مثال عملي: دورات تدريبية مثل Heritage Language Teacher Training في كندا لتعليم المعلمين التعامل مع تنوع مهارات المتعلمين الوارثين.
6. تعزيز الوعي بالهوية
مثال عملي: دمج قصص الأجداد والفنون الشعبية في برامج تعليم اللغة لتعزيز الانتماء والهوية.
6. الشراكات المجتمعية
مثال عملي: التعاون مع الجمعيات الثقافية لتنظيم مهرجانات لغوية وورش عمل للأطفال لدعم ممارسة لغة الإرث.
7. الخاتمة
المتعلمون الوارثون هم جسر بين الماضي والمستقبل. والتعامل معهم يحتاج إلى رؤية استراتيجية تجمع بين التعليم والسياسة الثقافية والهوية. الاستثمار فيهم يعني حفظ الذاكرة الثقافية وتعزيز التنوع الحضاري. تطبيق الاستراتيجيات المقترحة يحول المتعلمين الوارثين من فئة معرضة للانقطاع عن جذورها إلى طاقة خلاقة تحافظ على الإرث الثقافي وتضيف إليه في الوقت ذاته.
8. المراجع
Fishman, J. A. (2001). Can Threatened Languages Be Saved? Clevedon: Multilingual Matters.
Valdés, G. (2000). Introduction to Heritage Language Education: Research and Practice. Cambridge University Press.
Hornberger, N. H., & Wang, S. C. (2008). Who are our heritage language learners? Heritage Language Journal, 6(2), 1-18.
Cummins, J. (2000). Language, Power, and Pedagogy: Bilingual Children in the Crossfire. Multilingual Matters.
حقوق الطبع والنشر
حقوق الطبع والنشر محفوظة © الدكتورة فاطمة أبو واصل إغبارية، 2025
هذا البحث محمي بموجب قوانين حقوق الطبع والنشر. لا يجوز إعادة نشره، أو نسخه، أو ترجمته، أو اقتباسه اقتباسًا مطولًا، أو استخدامه في أي وسيلة نشر ورقية أو رقمية، إلا بعد الحصول على إذن خطي من المؤلفة.
Copyright © Dr. Fatima Abu Wasel igbaria, 2025
All rights reserved. No part of this research may be reproduced, distributed, translated, or transmitted in any form or by any means, including photocopying, recording, or other electronic or mechanical methods, without the prior written permission of the author.