المتقاعد إنسان حي!

بقلم: إبراهيم النعمي
في عصر تتسارع فيه وتيرة الحياة، ويغيب فيه التواصل الإنساني الحقيقي لصالح الأجهزة والشاشات، يبقى الإنسان بحاجة ماسة إلى الابتسامة، والرفقة، والكلمة الطيبة… خصوصًا أولئك الذين تقاعدوا بعد رحلة طويلة من العطاء والعمل.
في إحدى المناسبات الاجتماعية، حضر جمع غفير من المدعوين، وكان من بينهم رجل كبير في السن، متقاعد، يبدو أن الزمن لم يسلبه روح النكتة وخفة الظل.
اقترب منه مقدم الحفل وسأله بطريقة مرحة:
“هل لا زلت تذهب إلى الطبيب كثيرًا؟”
أجاب الشيخ مبتسمًا:
“نعم، أذهب كثيرًا!”
فسأله المقدم:
“ولماذا؟”
فقال الشيخ:
“لأن المرضى يجب أن يزوروا الطبيب… حتى يبقى الطبيب على قيد الحياة!”
ضجّ الجمهور بالضحك، وصفقوا لجوابه الذكي الطريف.
واصل المقدم حواره معه قائلًا:
“وهل تذهب أيضًا إلى الصيدلي؟”
رد الشيخ مبتسمًا:
“بالطبع، فالصيدلي أيضًا يحتاج أن يعيش!”
تكررت الضحكات والتصفيق، ثم سأله المقدم سؤالًا آخر:
“وهل تتناول الأدوية التي يعطيك إياها الصيدلي؟”
ابتسم الشيخ وقال بثقة:
“لا، كثيرًا ما أرميها… لأنني أنا أيضًا أريد أن أبقى حيًا!”
مرة أخرى، ضحك الجمهور وصفق بإعجاب لهذا التفاعل العفوي المليء بالحكمة.
وفي نهاية المقابلة، قال له المقدم:
“شكرًا لحضورك هذا اللقاء الجميل!”
فأجابه الشيخ مازحًا:
“سُررت بذلك! فأنا أعلم أنك أنت أيضًا تريد أن تعيش!”
وختم المقدم بأسئلة خفيفة:
“هل ما زلت نشيطًا في مجموعات الواتساب؟”
فردّ الشيخ:
“نعم، أرسل الرسائل من وقت لآخر… لأني أريد أن أبقى على قيد الحياة! فلو لم أفعل، لظنّوا أنني قد متُّ، وسيقوم مسؤول المجموعة بحذفي منها!”
ضحك الجمهور من أعماقه، ليس فقط على النكتة، بل لأن فيها لمحة واقعية تمس حياة الكثيرين.
هذه القصة الطريفة ليست مجرد فكاهة، بل هي تذكير جميل بأن الحياة لا تتوقف بعد التقاعد، وأن الإنسان لا يُقاس بعمره، بل بروحه.
فلنبتسم، ونتواصل، ونسعد أنفسنا ومن حولنا.
فلنرسل رسالة، أو نتصل، أو نزور من نحب… فقط لنقول لهم: “نحن ما زلنا أحياء… وسعداء.