المدير الهجين حين يُعاقَب الإخلاص

بقلم: د. رشيد بن عبدالعزيز الحمد
في الميدان التعليمي، لا تُقاس النجاحات بالأرباح فقط، بل بما يُزرع في النفوس من قيم وما يُبنى في العقول من وعي.
أحد الزملاء التربويين المخلصين حدّثني بحكاية مؤلمة تختصر معاناة كثير من أبناء الوطن حين يصطدم الإخلاص بالعقوق الإداري.
يقول: عملت مديرًا تنفيذيًا لمجمع تعليمي شمال الرياض تابع لإحدى الشركات التعليمية الكبيرة، وبدأت معه منذ الصفر — من اختيار الأثاث وحتى استقبال أول طالب.
خلال عقد من الزمن، أصبحت المدارس نموذجًا يحتذى به، حتى بلغ عدد طلابها ثلاثة آلاف، وارتبطت شراكاتها بمؤسسة الملك عبدالعزيز للموهبة، وتفوق طلابها في الداخل والخارج، وذاع صيتها كأحد أنجح المجمعات التعليمية.
لكن النجاح — كما قال الحكماء — يوقظ الغيرة.
فقد دخل على الخط مدير مالي وافد، لم يكن على الكفالة، استغل ضعف اللغة لدى المالك، فبدأ يسوّق لنفسه، ويزرع الشك في نوايا المخلص الذي بنى المجمع لبنةً لبنة.
اتهمه بتقديم خصومات أضرت بالدخل، رغم أنها تمت بتوجيهات المالك نفسه، بل بمراسلات موثّقة.
وعندما انتهى عقد المدير التنفيذي، كانت المفاجأة:
مساومة على حقوقه المشروعة!
إما أن يتنازل عن بدل السكن، أو تُحجب مستحقاته.
فاضطر — مضطرًا — إلى القبول، لأن وراءه التزامات وبيتًا ينتظر السداد.
تلك كانت خاتمة قصة عشر سنوات من الولاء والإخلاص، تلاها صمت المالك، وتجاهل من ظنّهم أصدقاء وطلابًا له، بعد أن عجزوا عن قول كلمة حق.
إنها حكاية تختصر مأساة بعض المؤسسات التي لم تتحرر بعد من “الفكر العائلي” إلى “النهج المؤسسي”، فظُلم فيها أبناء الوطن على يد من جاءوا ضيوفًا للعمل لا للتحكم في مصير المخلصين.
ولعلّ هذه الكلمات تصل إلى من يملك القرار، ليرى بعين العدل قبل فوات الأوان،
فما أكثر من يبنون بصمت.. ويُنسَفون بكلمة.
وما أجمل أن تُروى نهاية القصة بعبارة:
«أُعيد له حقّه لأنه أنجز بإخلاص».



