المنتدى السعودي للأفلام”: رحلة إلهام في فضاء الإبداع.. السعودية تدخل عصر السينما بروح جديدة.

بقلم:الكاتب منصور بن عثمان بن حسن
شهدت فعاليات معرض المنتدى السعودي للأفلام مؤخراً، تجربة ثقافية وفنية عميقة، لم تقتصر على عرض المنتجات السينمائية، بل مثّلت احتفاءً حقيقياً بالجيل الجديد من المبدعين السعوديين وشغفهم بالفن السابع. الزيارة إلى هذا المعرض كانت أشبه بالانتقال إلى فضاء إبداعي، يؤكد على مرحلة التحوّل الثقافي التي تعيشها المملكة في ظل رؤية 2030.
أجواء حيوية وتفاعل جماهيري لافت

منذ اللحظات الأولى لدخول قاعة المعرض، كانت الأجواء مفعمة بالحيوية والاهتمام. عكست الإضاءة والتصاميم البصرية والموسيقى المصاحبة روح الفن السينمائي الطموح. الأكثر لفتاً للانتباه كان التنوع الكبير في صفوف الزوار؛ من طلاب الإعلام وشباب الجامعات الباحثين عن المعرفة، إلى الفنانين والمحترفين ومحبي الأفلام. هذا التناغم الجماهيري منح المنتدى طابعاً تفاعلياً، حيث تحولت القاعة إلى ورشة عمل مفتوحة تعكس الشغف المتزايد بالثقافة والفن في المجتمع السعودي.
تنظيم احترافي يعكس تطور الصناعة
تميز المعرض بـتنظيم دقيق واحترافي، حيث صُممت الأركان بطريقة تسمح للزائر باستكشاف مراحل صناعة الفيلم بشكل سلس. تضمنت الأركان أقساماً مخصصة لـ”كتابة السيناريو”، و”التصوير والإضاءة”، و”المونتاج والمؤثرات البصرية”، بالإضافة إلى قاعات خاصة لعرض الأفلام القصيرة. وقد تم تخصيص مساحات للحوار المباشر بين الجمهور وصناع الأفلام، مما أثْرَى التجربة وجعلها رحلة تعليمية وتفاعلية.
أفلام سعودية بصوت وهوية عالمية
شكلت الأفلام السعودية القصيرة المعروضة قلب المنتدى. قدم الشباب الموهوبون أعمالاً تنوعت بين الدراما الإنسانية التي تلامس القضايا الاجتماعية والقصص الرمزية التي تطرح تساؤلات فكرية عميقة. كان واضحاً أن صُنّاع هذه الأفلام يسعون إلى تصوير الواقع المحلي بـزوايا جديدة ومبتكرة، معتمدين على لغة بصرية متطورة تعبر عن وعي فني وثقافي متنامٍ. الأعمال المعروضة حملت بصمة سعودية أصيلة، وقدرة على نقل قصصها إلى منصات عالمية.
ورش عمل متخصصة تغذي المعرفة
إلى جانب العروض، أثرى المنتدى محتواه بسلسلة من ورش العمل والندوات الحوارية بمشاركة مخرجين ومنتجين وكتاب سيناريو بارزين. إحدى الورش، التي حملت عنوان “من الفكرة إلى الشاشة”، قدمت شروحاً معمقة حول كيفية تحويل الأفكار الأولية إلى سيناريو متكامل. وفي ندوات أخرى، تم مناقشة تجارب المشاركة في المهرجانات الدولية والتأكيد على أن البيئة السعودية اليوم أصبحت أكثر دعماً وخصوبة للمواهب الفنية، وهو ما يتماشى مع أهداف “رؤية المملكة 2030”.
التقنيات الحديثة: الواقع الافتراضي في خدمة الفن
استقطب ركن التقنيات الحديثة اهتمام الزوار بشكل خاص، حيث تم عرض أحدث الكاميرات وبرامج الإنتاج، إضافة إلى تجربة الواقع الافتراضي (VR) التي أتاحت للزوار خوض تجربة “التصوير داخل الفيلم”. هذه التجارب التفاعلية عززت البعد التعليمي في المعرض، وأكدت على أن المملكة حريصة على دمج أحدث التكنولوجيا في صناعتها السينمائية الناشئة.
السينما: رسالة ثقافية وهوية وطنية
لم يقتصر المنتدى على كونه فعالية فنية، بل حمل رسالة ثقافية ووطنية عميقة، مؤكداً أن السينما ليست مجرد ترفيه، بل هي أداة لبناء الوعي ونقل القيم الإنسانية وسرد القصص المحلية بلغة عالمية.
وفي ختام الزيارة، كان الشعور الطاغي هو الفخر والإعجاب بـمستقبل السينما السعودية الواعد، الذي يقوده جيل من الشباب يمتلك الطموح والوعي لتحويل أحلامه إلى أعمال فنية تليق بمكانة المملكة وثقافتها العريقة. لقد أكد المنتدى أن السعودية تسير بخطى ثابتة نحو بناء صناعة سينمائية حقيقية ذات قدرة تنافسية إقليمية ودولية.



