الناس قالت.. الناس تقول

 

بقلم: د. عثمان بن عبدالعزيز آل عثمان

حياتك مليئة بأصوات متباينة، منها ما يرفعك، ومنها ما يحاول أن يثنيك عن طريقك. ستسمع دائمًا من يمدحك حينًا وينتقدك أحيانًا، وربما يختلق ما لم تقله أو تفعله. طبيعة البشر أنهم يفسرون أفعالك وفق رؤيتهم الخاصة، لا وفق حقيقتك.

قال الله سبحانه وتعالى:

﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: 63]

منهج قرآني عظيم يرشد إلى التعامل مع الأقوال الجارحة والآراء غير المنصفة؛ تجاهل الجدل العقيم، وامضِ بثبات، ولا تسمح لأحد أن يسرق منك صفاء الروح أو راحة البال. وتذكّر دائمًا أن الحكم لله سبحانه وتعالى وحده، وأن خير ما تفعله هو أن تدع الخلق للخالق، وتلتفت لما ينفعك في دنياك وآخرتك.

وقال الحبيب ﷺ:

من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس (رواه ابن حبان).

عمرك قصير، وأغلى ما فيه وقتك، فلا تهدره في محاولة إرضاء الجميع، فهي غاية لا تدرك ومعركة لا تنتهي. اجعل غايتك رضا رب العالمين سبحانه وتعالى، وحافظ على مبادئك وقيمك مهما تبدلت الآراء.

قال الشاعر:

إذا رمتَ أن تحيا سليمًا من الأذى

وحظك موفورٌ وعِرضُك صَيِّنُ

لسانَك لا تذكرْ به عورةَ امرئٍ

فكلك عوراتٌ وللناس ألسنُ

وجاء في أمثال العرب: من راقب الناس مات همًّا، وهي حكمة متوارثة تختصر المعنى العميق؛ حياتك أمانة بين يديك، ولن تتقدم خطوة إذا كبّلتك أقوال الآخرين أو أوقفتك سهام نقدهم.

الطموح بوصلة، والعمل الصالح زاد، والثقة بالله سبحانه وتعالى سند. والعظماء لم يصلوا إلى مراتبهم إلا حين تحرروا من الخوف من كلام الناس، وانشغلوا ببناء حياتهم بدلًا من الرد على الشائعات.

امضِ بثقة، وابتسم في وجه الأيام، وتذكّر أن الناس ستقول ما تريد، لكنك أنت من يحدد كيف تعيش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com