الوقت يسرقنا..

بقلم:عبدالعزيز عطيه العنزي

في زحام الحياة وصخبها، وبين مسؤولياتنا المتزايدة ووتيرة أيامنا المتسارعة، يتسلل الوقت بخبث ليختطف منا أثمن ما نملك: لحظة الحب.
لا يقتنصها فجأة، بل يبدأ بتقويضها تدريجياً. يزرع بذور الإهمال في تربة العلاقة، يسقيها بماء الروتين والملل، ويتركها تذبل شيئاً فشيئاً حتى تتلاشى بريقها.
ننشغل بأمور تبدو أكثر إلحاحاً، بمواعيد العمل، بضغوط الحياة، بنقاشات عقيمة تستنزف طاقتنا. نؤجل كلمة طيبة، عناقاً دافئاً، نظرة حانية، إلى وقت آخر قد لا يأتي أبداً.
نعتاد على وجود من نحب، نأخذه كأمر مسلم به، وننسى أن الحب كالنبتة الرقيقة، يحتاج إلى رعاية دائمة، إلى اهتمام مستمر، إلى كلمات تروي، وأفعال تغذي.
حينما نلتفت أخيراً، قد نجد أن المسافة بيننا وبين من نحب قد اتسعت، وأن لغة الحوار قد تغيرت، وأن شرارة الشوق قد خمدت. نندم حينها على لحظات الحب التي فرطنا فيها، على الكلمات التي لم نقلها، على المشاعر التي كتمناها.
الوقت ليس مجرد مرور للثواني والدقائق، بل هو سارق ماهر يغتنم غفلتنا ليسلبنا أجمل ما في حياتنا: تلك اللحظات الصافية التي يرتعش فيها القلب فرحاً بوجود من نحب، تلك النظرات التي تتلاقى فتحكي قصصاً بلا كلمات، تلك اللمسات التي تبعث الدفء والأمان في الروح.
فلنكن يقظين، لننتبه إلى همسات القلب، لنغتنم كل فرصة للتعبير عن حبنا، لنروي بذور المودة قبل أن يجف نبعها. لنقاوم سارق اللحظات، لنخلق لحظات حب جديدة، ونحافظ على وهجها في قلوبنا وقلوب من نحب.
لأن الوقت إذا سرق منا لحظة الحب، فقد يتركنا في وحدة قاسية، وذكرى باهتة لأيام كان فيها القلب ينبض بصدق وشغف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى