اليوم العالمي للمسنين: الوفاء والتمكين ركيزتان للحياة الكريمة

الدكتور :رشيد بن عبدالعزيز الحمد
– قال النبي ﷺ: “ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا”.
في الأول من أكتوبر يحتفي العالم بـ اليوم العالمي للمسنين، وهو يوم يذكّرنا بمكانة كبار السن وحقهم في الرعاية والتقدير، ليس فقط من جانب المؤسسات والأنظمة، بل من جانب الأسرة والأبناء الذين يمثلون الحاضن الأول والداعم الأقرب لهم.
لقد أولت المملكة العربية السعودية رعاية المسنين أهمية كبيرة، من خلال تشريعات وسياسات تعزز مكانتهم وتكفل لهم حقوقهم الصحية والاجتماعية والاقتصادية، انطلاقًا من رؤية تضع “الإنسان أولاً”. ومع ذلك، تبقى الرعاية الحقيقية مكتملة فقط حين تتكامل جهود الدولة مع المجتمع، ويضطلع الأبناء بمسؤوليتهم الطبيعية في البرّ والوفاء وصلة الرحم.
إن كبار السن لا يحتاجون فقط إلى الخدمات الطبية أو المادية، بل هم بحاجة إلى رعاية نفسية واجتماعية تُشعرهم بالحب والطمأنينة، وتجدد لديهم الإحساس بالدور والقيمة. فوجود الأبناء والأحفاد إلى جانبهم، وكلمات التقدير التي يسمعونها، والزيارات التي تُبهج قلوبهم، لها أثر نفسي يفوق أي دعم مادي. كما أن إشراكهم في الحياة الأسرية والاجتماعية يحميهم من العزلة، ويمنحهم طاقة معنوية تنعكس إيجابًا على صحتهم الجسدية.
أن حماية كبار السن تشمل الأسرة والأبناء والزوجات، فالاستقرار النفسي والاجتماعي للمسن ينبع أولًا من بيئته الأسرية، ثم يكتمل عبر البرامج والأنظمة الرسمية. ومن هنا، فإن الاهتمام بالمسنين ليس مسؤولية جهة واحدة، بل هو شراكة ثلاثية بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع، تُترجم في نظام حماية متكامل يضمن حياة كريمة لهم.
إن هذا اليوم العالمي ليس مجرد مناسبة رمزية، بل هو دعوة صريحة لتجديد العهد بكبارنا، وصون كرامتهم، وتمكينهم من حياة كريمة مليئة بالطمأنينة والمشاركة الفاعلة في المجتمع.
🔹 إلى كل ابن وابنة: تذكّروا أن البرّ بالوالدين في شيخوختهم هو أعظم ما يُكتب لكم من وفاء، وأن لحظة اهتمام صادق أو كلمة طيبة قد تكون عند الله خيرًا من الدنيا وما فيها. إنهم اليوم بحاجة إلى ما زرعوه فينا بالأمس، فكونوا لهم سندًا ووفاءً كما كانوا لكم عطاءً ورحمة.