بين التحديات والواقع: خدمات طيف التوحد في الحدود الشمالية

إعداد / خلود عطاالله الحربي
مختصة بطيف التوحد والاضطرابات السلوكية
في ظل تزايد انتشار اضطراب طيف التوحد، تشير الإحصاءات الحديثة في الولايات المتحدة 2022) CDC,) إلى إصابة طفل واحد من بين كل 31 طفلًا بهذا الاضطراب، وهو ما يعكس مدى انتشار هذا الاضطراب حتى في الخارج، ويؤكد أن الأمر أصبح مثيرًا للقلق ويتطلب اهتمامًا عاجلًا. وفي المقابل تواجه منطقة الحدود الشمالية واقعًا محليًا يستدعي الدراسة والتدخل لتحسين جودة الخدمات المقدمة لهذه الفئة وأسرهم.
ورغم الجهود الحكومية والمبادرات الفردية التي بدأت تظهر في السنوات الأخيرة، لا تزال الخدمات التأهيلية والعلاجية تعاني من فجوات واضحة، ما يجعل تسليط الضوء على واقع هذه الخدمات والتحديات المرتبطة بها أمرًا بالغ الأهمية.
تواجه الأسر من ذوي طيف التوحد مجموعة من التحديات البارزة التي تؤثر على جودة حياتهم وحياة أطفالهم، من أبرز هذه التحديات: محدودية المراكز المتخصصة والأماكن المهيأة لتقديم الخدمات، إضافة إلى نقص الكوادر المؤهلة والكفاءات العالية التي تضمن جودة العلاج والتأهيل. كما يفتقر العديد من الأسر إلى برامج تأهيلية وتدريبية تهدف إلى تزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع أطفالهم، وفهم طبيعة الاضطراب وتعزيز وعيهم بأساليب التربية المناسبة.
بالإضافة إلى ضعف الوعي المجتمعي الذي يحد من دعم هذه الفئة، يشهد الأطفال نقصًا في الخدمات العلاجية الأساسية مثل العلاج النفسي، السلوكي، والعلاج الوظيفي، النطق والتخاطب ما يجعل استمرار الأسر في برامج التأهيل أكثر صعوبة ويؤثر مباشرة على نمو الأطفال واندماجهم الاجتماعي.
رغم التحديات بدأت تظهر بعض المبادرات التوعوية والتطوعية، بالإضافة إلى ازدياد الوعي بأهمية التدخل المبكر، ما يشكّل أرضية واعدة يمكن البناء عليها لتحسين الواقع الحالي ودعم أسر الأطفال ذوي طيف التوحد.
لرفع جودة الخدمات المقدمة في المنطقة، يمكن التركيز على عدد من الحلول الأساسية:
- توسيع نطاق المراكز المتخصصة لتشمل جميع الفئات العمرية، مع التركيز على المراهقين والبالغين.
- تطوير الكوادر المختصة ورفع كفاءتها لضمان جودة الخدمات التأهيلية والعلاجية.
- تقديم برامج تأهيلية وتدريبية للأسر لتعزيز مهارات التعامل مع أطفالهم وفهم طبيعة اضطراب طيف التوحد.
- تعزيز الوعي المجتمعي من خلال البرامج الإعلامية والثقافية التي تدعم الاندماج وتقلل من الوصمة الاجتماعية.
- تعزيز جودة الخدمات العلاجية الأساسية، بما في ذلك العلاج النفسي والسلوكي والعلاج الوظيفي النطق والتخاطب.
إن واقع خدمات ذوي طيف التوحد في الحدود الشمالية كشف عن تحديات واضحة، لكنه في المقابل أتاح فرصًا حقيقية لتطوير الخطط وتحسين الخدمات ودعم الأسر بشكل أفضل.
فبناء بيئة داعمة للنمو والاندماج ليس مجرد التزام إنساني، بل مسؤولية وطنية تتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، وتمثل استثمارًا في مستقبل أكثر شمولًا وعدالة.