تقاصيلُ تُضِئُّ الوطنَ

الكاتبة : أميرة عبدالله المغامسي
كنت قد كتبْتُ مقالاتٍ سابقةً عن “يومِنا الوطنيِّ” يومٌ نتسابقُ نحنُ الكُتَّابَ في الاحتفاءِ به ، ويتغنَّى به الأُدباءُ والشُّعراءُ ، ويُجسِّدُه الفنَّانُون في أعمالهم .
مناسبةٌ غاليةٌ لوطنٍ نفاخرُ به بين الأوطانِ.. “وطنُ التوحيدِ والعزِ والشموخِ ” .
أَحببتُ المرَّةَ هذه أن لا أُسرِدَ بالطَّرحِ المعتادِ بل أكتُبُ عن تفاصيل صغيرةٍ قلَّما تُذكرُ . كُلُّ الأنظارِ تتجه نحو شاشاتٍ كبيرةٍ ، ومواسمَ عظيمةٍ ، وميادين كبيرةٍ ، وعروضٍ وأضواءٍ ضخمةٍ . إلّا أنّ ثَمَّةَ تفاصيل صغيرة تَروِي قِصةَ وطنٍ بصدقٍ ، حكايةً تستمرُ عبرَ الزمنِ ، يُجدِّدُها كلُّ جيلٍ بطريقته الخاصة.
تفاصيلُ صغيرةٌ لم تذكرْ في الكتب ولا في النشرات لكنها صنعت عالمًا آخر عالم التفاصيل :
▫️طفلٌ يركضُ ضاحكًا بين الجُمُوعِ مُلوِّحًا بعلمٍ أخضرَ رُبَّما أكبرَ من قوة ساعديه ، و طالبةٌ في الصَّفِّ تُوزِّعُ أعلامًا بلا ثمنٍ ، طفلٌ آخرُ رسم على وجنتيه اللونَ ذاتَهُ ، معَ حماسِ شبابٍ وزينةٍ تُعلَّقُ على سياراتهم .
▫️ عائلةٌ يتوشحون الأخضرَ ، كأنَّهم لوحةٌ حيةٌ ، بل لغةُ فرحٍ تضئ المكان فيشعرُ بها الجميع .
▫️أهازيجٌ تملأُ الميادينَ ، نغماتُ فرحٍ يتشاركها الجميع رغمَ اختلافِ الأعمارِ واللهجاتِ ، تلك النغماتُ ليست مجرَّدَ لحنٍ ، بل ذاكرةٌ حيةٌ تختزنُ مشقةَ البداياتِ وفرحةَ الوحدة .
▫️اجتماعاتٌ للعوائلِ تعوُد فيها ذاكرةُ الآباءِ والأجدادِ إلى الوراء يذكرون ملاحمَ ملهمةً وتاريخ عريقٌ فقد كانوا جزءًا من حكايةِ وطن .
✍🏻 تفاصيلُ تؤكِّدُ أنّ ما نعيشه اليوم هو ثمرةُ ماضٍ تليد .
✍🏻 تفاصيلُ تربطُ حاضرَ الأجيال بماضيهم.
✍🏻 تفاصيلُ تُخبرنا أن الوطنَ إحساسٌ يوميٌّ صادقٌ .
✍🏻 تفاصيلُ صغيرةٌ متناثرةٌ بينَنَا ، تجمعنا في يومٍ واحدٍ (شمالًا وجنوبًا ، شرقًا وغرباً) لتُوحِّدَ قُلوبنا قبلَ أن تُوحِّدَ شِعاراتِنا .
تفاصيلٌ ليست في مكانٍ واحدٍ ، بل في كُلِّ بيتٍ ، كُلِّ شارعٍ ، كُلِّ قلبٍ .
يومُ الوطنِ يومُ الانتماءِ ، يكفينا فخرًا وعِزًا أن نشعرَ أنَّ هذا المكان لنَا ونحنُ له .