جبر الخواطر لغة النبل التي لا تُنسى

بقلم هدى الحربي.
في زحمة الحياة وضغوطها، نحتاج جميعًا إلى لمسة لطف، وإلى كلمة تُعيد التوازن حين تشتد قسوة المواقف.
فليس اللطف ضعفًا، ولا جبر الخاطر تكلّفًا، بل هو رقيّ في إنسانيتنا، وصدق في إحساسنا بالآخرين.
وحين يكون اللطف جبرًا للروح، يصبح أعظم أثرًا وأبقى أثرًا.
تمرّ بنا مواقف تُربك الشعور وتترك في القلب أثرًا لا يُرى، فالكلمة الواحدة قد تُثقل الروح، وأخرى قد تُنقذها من الانكسار.
وليس في الناس من هو محصن من الوجع، ولا من لا يحتاج إلى جبر خاطرٍ يُعيده إلى اتزانه.
واللطف ليس ضعفًا، بل هو قوة من نوع مختلف، وهو أن تعرف متى تصمت، ومتى تبتسم، ومتى تختار كلمة تُرمم لا تُهدِم.
والرفق ليس عجزًا، بل حِكمة تليق بالقلوب النقية، فهو الذي يُعيد للنفوس طمأنينتها وللأيام رونقها.
فالقلوب — مهما اشتدت — تبقى شفافة، تُسكنها الكلمات الحسنة وتؤذيها القسوة العابرة.
وإن جبر الخواطر فنّ لا يُدرّس، فهو إحساس بالآخرين، وصدق في التعامل، ونُبل في الرد.
وحين نُعامل الناس بودّ ورفق، لا نُحسّن يوم أحدٍ فقط، بل نُجمّل أيامنا نحن، لأن اللطف لا يضيع، وإن تأخر، فإنه يعود إلينا حين نحتاجه دون أن نطلبه
وأحيانًا نخرج من موقفٍ ونحن نُحسّ بالوجع، غير أننا نختار ألّا نُشبهه.
فنختار اللين لا القسوة، والصمت لا الجدال، والعفو لا الغضب.
ونختار أن نبقى نبلاء حتى وإن لم يُقابلنا أحد بالمثل، لأننا نُدرك أن الرقيّ لا يُستعار، بل يُولد من صفاء القلب.
فما أجمل أن نُعامل الناس برقيّ، وأن نُدرك أن اللطف لا يُكلّف شيئًا، لكنه يُغيّر كل شيء.
وأنه حين يصبح عادةً في حياتنا، يتحوّل إلى ظلٍّ من السكينة يرافقنا في كل طريق.



