جرح لا يلتئم وذكرى لا تموت

معلا السلمي
لا شيء يترك في القلب جرحًا أعمق من فقدان صديق بلا سبب واضح، حيث يبقى السؤال معلّقًا دون إجابة، ويتحول الوداع الصامت إلى عاصفة من المشاعر المتناقضة. ففي حين أن الفقدان بحد ذاته مؤلم، فإن غيابه دون تفسير يضاعف الحيرة ويترك خلفه مساحة فارغة مليئة بالافتراضات والذكريات غير المكتملة.
حين نبني جسورًا من الأمان والثقة، ونحلم بعلاقة تمتد إلى الأبد، يكون من الصعب تقبل الاختفاء المفاجئ لشخص كان يشغل حيزًا كبيرًا في حياتنا. لكن عندما يختفي الصديق فجأة، دون مقدمات أو إشارات تحذيرية، يتحول الأمر إلى لغز معقد، ونبدأ في البحث عن الأسباب التي أدت إلى هذا الرحيل المباغت. هل كان الخطأ منا؟ هل كانت هناك إشارات لم ننتبه لها؟ أم أن الأمر لا يتعلق بنا على الإطلاق؟
يرافق هذا النوع من الفقدان شعور بالخذلان والارتباك، حيث يُجبر الطرف المتروك على مواجهة ألم الفراق وحده، دون فرصة للنقاش أو حتى فهم ما حدث. كما أن الغياب غير المبرر قد يترك تأثيرات نفسية طويلة الأمد، حيث يصبح من الصعب الوثوق بالآخرين مجددًا، وتبقى الذكريات عالقة في الذهن كأشباح ترفض الرحيل.
للتعامل مع هذا الفقدان، لا بد من قبول الواقع وإدراك أن بعض الأمور لا تملك تفسيرًا واضحًا، وأن التمسك بالبحث عن سبب قد يزيد من المعاناة. التعبير عن المشاعر، سواء من خلال الكتابة، التحدث إلى صديق مقرب، أو اللجوء إلى مختص نفسي، يساعد في تخفيف الألم. إعادة بناء الذات من خلال تجربة أنشطة جديدة أو التركيز على الأهداف الشخصية يساهم في تجاوز المحنة، كما أن تجنب التفكير المفرط في اللوم يمنع الغرق في التساؤلات التي لا إجابة لها، فالحقيقة أن الرحيل قد يكون مرتبطًا بعوامل تخص الطرف الآخر وحده.
إن فقدان الصديق بلا سبب يشبه قراءة قصة توقفت فجأة دون خاتمة، لكن الحياة تمضي رغم الغموض. قد لا نجد إجابة لكل سؤال، لكن بمرور الوقت، ندرك أن القوة الحقيقية تكمن في قدرتنا على تجاوز الألم، والنظر إلى الأمام بأمل، حتى لو لم نجد تفسيرًا لكل ما مضى.