حين يختلط المقعد الأكاديمي بمدرج المشجع!

 

بقلم الدكتور رشيد بن عبدالعزيز الحمد

ليس غريبًا أن يعبّر المشجع الرياضي عن عاطفته تجاه ناديه، فذلك من طبيعة التنافس ومتعة المدرجات. لكن ما يثير الاستغراب أن يخرج أحد الأكاديميين، ممن شغلوا موقعًا في مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم، ليتحدث في الإعلام المسموع بلسان المشجع المتعصب، لا بلسان الإداري العارف ولا الأكاديمي المتزن.

لقد كان حديثه عن نادي النصر أقرب إلى انفعال العاطفة منه إلى منطق المسؤول، فبدت عباراته تفتقر إلى هدوء الخبرة ورصانة التجربة. ومثل هذه المواقف لا تسيء إلى النادي وحده، بل إلى صورة الأكاديميا حين تضعف أمام ميولها، وإلى المشهد الرياضي الذي يسعى جاهدًا لترسيخ ثقافة الحوار الراقي والنقد المسؤول.

إن من اعتلى مقعد القرار الرياضي، وعاصر دهاليز الإدارة، حريٌّ به أن يرتقي بخطابه لا أن يعود إلى لغة المدرج. فالمسؤولية الفكرية تفرض على صاحبها أن يتحدث بعقلٍ ناصح لا بقلبٍ متحمس، وأن يكون قدوة في الرؤية والتحليل لا في الانفعال والتعصب.

الرياضة السعودية اليوم تسير بخطى رصينة نحو الاحترافية، ولن تنهض بخطابٍ يثير الشارع أو يؤجّج الانقسام. النقد مشروع، لكن أنبل النقد ما كان بعين الإنصاف ولغة الاتزان.

ويبقى الدرس الأهم: أن المكانة الأكاديمية ليست لقبًا يعلَّق على الجدار، بل موقفٌ يترجم الرصانة في الفكر والأسلوب.

فمن صعد إلى منصة العلم، عليه أن يظل في مستوى الكلمة، لا أن يهبط بها إلى صخب المدرجات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى