خمسة أكتوبر!!!

بقلم الكاتبة:نجاح لافي الشمري
الحدود الشمالية – رفحاء…

في كل عام، يُطل علينا يوم المعلم في الخامس من أكتوبر، حاملاً في طياته رسالة عظيمة، عنوانها “الوفاء والاحترام لمن حملوا مشاعل النور ووهبوا عقولهم وقلوبهم لتربية الأجيال”

إنه يوم لا يليق به إلا الصادقون، أولئك الذين سهروا الليالي، وزرعوا في عقول طلابهم بذور الحلم والطموح.
المعلم ليس مجرد ناقل للمعلومة، بل هو صانع الإنسان، ومهندس العقول، وباني الأوطان. في كلماته توجيه، وفي صمته حكمة، وفي صبره عطاء لا ينضب. كيف لا؟ وهو الذي يحمل همّ طلابه وكأنهم أولاده، يفرح لنجاحهم، ويحزن إن تعثروا، ويمنحهم من قلبه قبل علمه.

في زمن تتغير فيه القيم وتتبدل الأولويات، يظل المعلم شعلة ثابتة، يُضيء طريق الجهل، ويغرس في النفوس القيم والأخلاق والانتماء. كل نجاح نحققه، كل خطوة نخطوها في دروب المستقبل، تقف خلفها يد معلم، آمن بنا عندما كنا لا نزال نتعثر.

وفي زحام الحياة، نمرّ بالكثير من الوجوه، نلتقي بأشخاص يتركون بصمة، وآخرين يمضون دون أثر… لكن هناك فئة لا يمكن أن ننساهم، لأنهم شكّلوا جزءًا من ذاكرتنا، وربما من هويتنا نفسها. إنهم المعلمون، منارات العلم، وأعمدة النور، والقلوب التي نبضت من أجل أن نحيا نحن حياةً أفضل.

ياتر هل يتذكّر أحدنا كم مرة أخطأنا في الحروف الأولى؟ كم مرة نسينا واجباتنا؟ كم مرة شعرنا بالضياع، فجاء صوت المعلم يضيء الطريق، ويمنحنا الثقة من جديد؟
المعلم ليس فقط من يعلّمنا القراءة والكتابة… بل هو من يعلّمنا الحياة.
هو من يزرع فينا القيم، ويربّي فينا الضمير، ويشكّل وجداننا حتى من دون أن نشعر.
في وجهه تقرأ التعب، وفي صبره ترى العظمة، وفي عينيه ترى الإيمان بما يفعل.
هو لا ينتظر شكرًا، ولا يبحث عن مجد… يكفيه أن يرى أحد طلابه ناجحًا، متفوقًا، صانعًا للفرق في الحياة، فيقول في نفسه: “كنتُ هناك… في بداية الطريق”

وأن تكون معلمًا لا يعني فقط أن تشرح درسًا أو توصل معلومة، بل يعني أن تكون قدوة، ومُلهمًا، وصاحب رسالة. المعلم هو من يُشكّل العقول، ويغرس القيم، ويقوّم السلوك، ويؤمن بقدرات طلابه حتى قبل أن يؤمنوا هم بأنفسهم. في كل كلمة يزرعها، هناك مستقبل يُبنى، وفي كل موقف تربية يُقدّمها، هناك جيل ينمو على الأخلاق والمبادئ.

ليس سهلاً أن تكون معلمًا.
أن تأتي كل يوم محمّلًا بالعطاء، تزرع في طلابك ما قد لا يُثمر إلا بعد سنوات، وتغادر وأنت لا تنتظر شيئًا.
هو وحده من يزرع ولا يحصد، يعطي ولا يُرهق، يبني ولا يُكافأ كما ينبغي.

إلى كل معلم علّمني حرفًا، وفتح لي نافذة على العالم، وواساني حين ضعفت، ورفع رأسي حين انكسرت… شكرًا
وإلى كل معلم في كل مكان: أنت لست فقط “مهنة”، بل رسالة خالدة، وكل يوم يمر، هو امتداد لتأثيرك العظيم في نفوس طلابك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com