ذات يوم ..ظلمت قاضياً

كتبه / خالد بن محمد الفريجي

مستشار أسري وكاتب سعودي

ربما يبدر منا مهما حاولنا الاجتهاد وتحري الدقة والانضباط بعض الأخطاء التي في غالبها غير مقصود.
التعليم مليء بالاجتهادات أثناء اليوم الدراسي وفق تعدد وتعقيدات المواقف التي يتعرض لها المعلم , والموجه الطلابي ,والوكيل , ومدير المدرسة , رغم وجود التوجيهات والتعاميم واللوائح والأنظمة إلا أن الباب مازال مفتوحا لمثل تلك الاجتهادات التي قد تفرضها مثل تلك المواقف الطارئة .
التعامل مع الصغار لاسيما في المرحلة الابتدائية من الصعوبة بمكان أذ أنك قد ترى الظالم مظلوما من كثرة ادعائه والتراجيديا التي يعملها أمامك هربا من تلك العقوبة التي تنتظره لامحالة, فيلجأ إلى الكذب التبريري ,وغالباً ما ينطلي ذلك على الكثير من المعلمين لاسيما من كان حديث عهد بالتدريس, فتسجل تلك القضية بذمة أحدهم ممن لا يبدو أنه يجيد فن اللعبة ومن ثم يقع ذلك الظلم .
كان لي اتصال مع أحد أبناء العمومة وهو محاضر في إحدى الجامعات, وأثناء الحديث عن أمر ما بادرني بالسؤال : هل تعرف فلان ؟ فأجبت لا..
ثم أوضح لي بأن هذا الفلان كان أحد طلابي في بداية تدريسي قبل ثلاثين عاماً , فقلت : يا هذا هل تعلم أنه قد مر علي ألاف الطلاب طيلة تلك الأعوام فكيف بي أن أذكره ؟
فقال لي ابن العم : إنه يتذكرك جيدا ,وادعى أنك قد ظلمته ,وتكرر هذا الادعاء عدة مرات في أزمان مختلفة , وهل تعلم بأنه الآن أصبح قاضيا في إحدى محاكم المملكة ؟
فأجبت إن كان كذلك فهو بالتأكيد صادقا بما يقول, وربما إن مرارة هذا الظلم هي ما جعله أن يتجه إلى سلك القضاء ليحقق العدالة في ديوان العدالة وهو المحكمة , وربما إن هذا الظلم الذي تعرض له من قبلي وغير المقصود أفاده بأن جعله يتحرى تحقيق العدل ما استطاع إليه سبيلا , وأن تظل تلك المرارة في جوفه يتذكرها صبح مساء .
بعض المواقف ربما هي تؤلمنا وتحزننا لكن قد يكون في طياتها الخير لنا في قابل الأعوام .
في نهاية حديثي مع ابن العم طلبت منه أن يدبر لنا زيارة ولو خلسة لإعتاق رقبتي من هذا الظلم الذي نسيته أنا ولم ينساه هو , وما زلت في انتظار هذا اللقاء .
وهذا الموقف الذي قد نراه بسيطا ً لا يستحق أن يذكر, إلا إنه كبير وحساس في نفوس أبنائنا الطلاب يجعل من كل معلم ومعلمة من الضروي أن يسعى لتحقيق العدالة وتحري الصدق والمساواة بين الطلاب واحتوائهم فربما موقف ما قد يحرف مسار طالب أو طالبة لاتجاهات أخرى لا تحمد عقباها .

 

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button