ريم البليخي: الأخصائي النفسي حجر الأساس في دعم الصحة النفسية للأيتام

حوار / د. وسيلة محمود الحلبي
تكمن في أعماق كل إنسان حاجة فطرية للشعور بالحب، والانتماء، والأمان. ولكن ماذا لو كانت هذه الحاجة تصطدم بجدران الفقد والوحدة؟ هذا هو الواقع الذي يعيشه الأيتام ذوي الظروف الخاصة، الذين تبدأ رحلتهم في الحياة وهم لا يعرفون والديهم فيؤثر ذلك بشكل عميق على صحتهم النفسية.
ولكون جمعية كيان للأيتام ذوي الظروف الخاصة أسست من أجل تنميتهم وتمكينهم في جميع المجالات الصحية والثقافية والدينية والقيمية والتعليمية والاقتصادية وحفظ حقوقهم في دمجهم في المجتمع كباقي الأفراد البيولوجيين فقد اهتمت جمعية كيان بالصحة النفسية لمستفيديها الأيتام ذوي الظروف الخاصة مع تأكيد القائمين على الجمعية بأن الصحة النفسية لهم ليست مجرد رفاهية، بل هي حجر الأساس في بناء شخصياتهم وتعزيز قدرتهم على مواجهة الحياة بثقة وإيجابية. وإن تلبية احتياجاتهم العاطفية والنفسية ليست مسؤولية فردية، بل هي واجب مجتمعي يتطلب فهماً دقيقاً لطبيعة التحديات التي يواجهونها، ومنهجية علمية في تقديم الدعم النفسي لهم.
وللوقوف على أهمية الصحة النفسية للأيتام ذوي الظروف الخاصة كان معنا هذا الحوار مع الأخصائية النفسية في جمعية كيان الأستاذة ريم بنت فهد البليخي تخصص علم النفس.
الأخصائية النفسية ريم بنت فهد البليخي ماذا تعني الصحة النفسية للأيتام ذوي الظروف الخاصة؟
قالت الأخصائية النفسية ريم:
الصحة النفسية للأيتام ذوي الظروف الخاصة تعني تحقيق التوازن العاطفي والاستقرار النفسي الذي يمكنهم من التفاعل بشكل صحي مع أنفسهم ومع الآخرين. وهي تشمل:
الشعور بالأمان النفسي: التغلب على مشاعر القلق والخوف المرتبطة بعدم معرفة الأبوين أو الشعور بالرفض المجتمعي.
بناء الهوية الذاتية: مساعدة اليتيم في تشكيل صورة إيجابية عن نفسه، رغم غياب الأبوين البيولوجيين.
تنمية المهارات الاجتماعية: بتعزيز قدرته على تكوين علاقات صحية مع الآخرين، بعيدًا عن الشعور بالنقص أو الانعزال.
التكيف مع المشاعر الصعبة: كالحزن، الغضب، أو القلق، بطريقة صحية دون اللجوء إلى آليات دفاعية ضارة.
ما هو دور الأخصائي النفسي في التعامل مع الأيتام ذوي الظروف الخاصة؟
قالت الأخصائية ريم من جمعية كيان: يُعتبر الأخصائي النفسي حجر الأساس في دعم الصحة النفسية للأيتام، ويحتاج إلى اتباع منهج شمولي يقوم على:
1. بناء الثقة والأمان: من خلال توفير بيئة داعمة يشعر فيها اليتيم بأنه مقبول ومحبوب دون شروط
2. تعزيز الهوية الذاتية: مساعدة الطفل على فهم ذاته بعيدًا عن مشاعر النقص، وتعليمه أن قيمته لا تعتمد على نسبه.
3. استخدام تقنيات العلاج العاطفي والسلوكي: مثل العلاج باللعب أو العلاج السلوكي المعرفي لمساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم بطرق صحية.
4. تشجيع الدعم الاجتماعي: من خلال دمجهم في مجتمعات تحتضنهم وتساعدهم على تكوين علاقات إيجابية ومستقرة.
5. تمكينهم من الاستقلالية: بتعزيز ثقتهم بقدراتهم وتمكينهم من مواجهة تحديات الحياة بقوة وإيجابية.
ما أبرز التحديات النفسية التي تواجه الأطفال الأيتام ذوي الظروف الخاصة مقارنةً بالأيتام الذين يعرفون ذويهم؟
قالت الأخصائية ريم: أبرز التحديات النفسية التي تواجه الأطفال الأيتام ذوي الظروف الخاصة أنهم يفقدون الشعور بالانتماء، وكذلك عدم الإجابة من قبل أسرهم الحاضنة عن بعض أسئلتهم التي يرجونها في عمر معين خوفاً عليهم مما يسبب لهم انتكاسات نفسية.
كيف يختلف تأثير الفقدان على هؤلاء الأطفال مقارنةً بمن فقدوا والديهم في سن متأخرة؟
قالت: طبعا يكون اختلاف التنشئة يؤثر كثيرا عليهم ويختلف إدراك الطفل عن البالغ في استيعاب الأمور والقدرة على حلها.
ما المنهجيات النفسية التي تستخدميها لمساعدتهم على بناء هوية ذاتية قوية لهم؟
قالت: أضع خططا علاجية بحيث يتم رسمها بناء على اتفاق بين الطرفين وطبعا بموافقة الإدارة عليها.
كيف يؤثر موقف المجتمع منهم على حالتهم النفسية؟، وكيف يمكن تخفيف أثرها عليهم؟
قالت: الحمد لله بدأت التوعية أكثر في هذا الجانب والعمل عليه.. وأصبحوا أكثر وعيا في الرد والاستجابة والاندماج في المجتمع.
ما أنواع الصدمات النفسية التي ممكن أن يعرضوا لها، وكيف يتم التعامل معها؟
قالت أ. ريم البليخي من جمعية كيان للأيتام: الأكثر أثرا هو اضطراب كرب ما بعد الصدمة، ويتم التعامل معها عن طريق إخفاء أمورا مهمة عنهم، ليكتشفوا ذلك بطريقة غير مباشرة، تؤثر عليهم سلباً.
كيف يمكن تعزيز ثقتهم بأنفسهم في ظل عدم وجود دعم عائلي مباشر؟
قالت: من خلال الدورات التدريبية الهادفة، وتقديم الاستشارات النفسية، ومتابعتهم بشكل دوري مع أسرهم في ظل التغيرات المجتمعية.
أ. البليخي هل هناك استراتيجيات نفسية لتعويض الفراغ العاطفي لديهم؟
قالت الأخصائية ريم البليخي: عند ملاحظة الحالة سواء كانت الملاحظة مباشرة أو غير مباشرة، حينها يتم وضع خطة مخصصة للحالة.
أ. البليخي كيف يمكن مساعدة هؤلاء الأطفال على بناء علاقات صحية مع الآخرين؟
قالت الأخصائية ريم: يتم ذلك من خلال برامج الدمج كدمجهم في مجتمعات تحتضنهم وتساعدهم على تكوين علاقات إيجابية ومستقرة. سواء في المدارس أو مع أفراد المجتمع من خلال الرحلات والزيارات والأنشطة المتنوعة، إضافة الى برامج ودورات وفعاليات تعزز بأهمية ثقتهم بأنفسهم.
الأخصائية ريم ما دور التربية البديلة (مثل الأسر الحاضنة) في تحسين حالتهم النفسية؟
قالت: إنه دور أساسي وفعال جدا في تحسين حالتهم النفسية كونها أسرته وحالة الطفل النفسية تصبح هادئة ومطمئنة من خلال التنشئة السليمة في الأسرة.
ما أنجح الأساليب العلاجية المستخدمة في دعم هؤلاء الأطفال نفسيًا؟ وكيف يمكن للأخصائي النفسي بناء علاقة ثقة معهم رغم المخاوف من الرفض؟
قالت: حسب استجابة الطفل يتم تحديد الأسلوب العلاجي وأقرب علاج يستخدم معهم هو العلاج السلوكي المعرفي.
ويمكن بناء العلاقة الوثيقة بعدم الاستعجال في أخذ المعلومات وانتظار الحالة لتعطي وتشعر بالراحة وبأهمية سرية المعلومات أيضا.
وما هو دور العلاج باللعب والفن في تحسين حالتهم النفسية؟
قالت: يعتمد على تقبل الحالة في ذلك إن كانت لديها هواية أو لديها رغبة في ذلك.
وإن أمكن ذلك أن يكون من خلال الخطط العلاجية بحضور بعض البرامج للشعور بالتحسن وللتنفيس الانفعالي
كيف يتم التعامل مع مشاعر الغضب أو العدوانية التي قد تظهر لديهم نتيجة الصدمات المبكرة؟
قالت: يكون ذلك بجلسات نفسية تعديل سلوك لمشاعر الغضب والتأكد من البيئة السليمة للطفل والإرشاد الوالدي.
أعزائي القراء.. وفي نهاية الحوار مع الأخصائية النفسية ريم بنت فهد البليخي من جمعية كيان للأيتام،
نستنتج أن الصحة النفسية للأيتام ذوي الظروف الخاصة مجهولي الأبوين ليست مجرد تحدٍّ، بل هي فرصة لبناء شخصيات (مرنة) قادرة على تجاوز الألم، والتحليق بأجنحة الأمل نحو مستقبل مشرق.