زنزانة الصمت

 عبدالعزيز عطيه العنزي 

نعم، أنا المجروح، ليس بسهمٍ مرئيٍّ يصيب الجسد، بل بذلك الألم الداخلي الذي يتجذر عميقًا في الروح. هو ليس صرخةً عالية تسمعها الآذان، بل همسٌ خفيٌّ يتردد في دهاليز الصمت، يؤرقني في يقظتي ومنامي. هو شعورٌ بالثقل، بعبءٍ لا يرى، يضغط على صدري حتى يكاد يتهشم، ويجعل كل نفسٍ أستنشقه ثقيلًا كأنه يجرّ سلاسل من حديد.

هذا الألم ليس كدمةً تزول، أو جرحًا يلتئم بمرور الزمن. إنه حالة وجودية، رفيق دربٍ لا يغادر، يغير ملامح عالمي ويصبغ كل شيءٍ باللون الرمادي. أبتسم في وجوه الناس، أضحك معهم، لكن خلف هذه الواجهة، هناك معركةٌ مستمرةٌ تدور في أعماقي. معركةٌ لا يسمع أنينها أحد، ولا تُرى آثارها إلا في عينيّ المتعبتين.

كم مرة حاولت أن أصفه؟ أن أخرجه من سجنه في صدري؟ لكنه يتملص كالدخان، لا يمكن الإمساك به، ولا يمكن تعريفه بكلماتٍ واضحة. هو أقرب إلى فراغٍ يتسع، إلى برودةٍ تنتشر، إلى غربةٍ حتى عن ذاتي. أنا المجروح بهذا الألم الداخلي الذي لا أستطيع أن أشرحه، ولا أجد من يفهمني، فأبقى وحيدًا في زنزانة صمتي، أصارع شبحًا لا اسم له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com