زواج خدمة العملاء

كتبه : خالد بن محمد الفريجي

كاتب سعودي

الحياة الزوجية من أسمى العلاقات الإنسانية وأرقاها وكلما سمت تلك العلاقة الزوجية كلما توالت بشائر الخير على تلك الأسرة .
وراء كل بيت سعيد زوجان واعيان وراقيان في تعاملهما معا ماينعكس إيجابا على بقية أسرتهم فيتحول بيتهما لمنارة سعادة وبهجة وبيتا للطمأنينة والسكن والحب والمودة وكل المشاعر الإيجابية .
هذه العلاقة الراقية التي بدأت بالتزام وميثاق غليظ وثق في عقد قران انما هي مدعاة للاستقرار والبناء والايجابية .
عندما تفتر العلاقة بين الزوجين وربما لتتحول إلى صراع وعراك وخصام وتعالي الأصوات وشيئا من تشابك الآيدي والأجساد ومن ثم إلى فراق عاطفي.
حتما ستكون هذه الأسرة محطة للكآبة , والقلق الدائم ,وتلاطم الأمواج , ويتحول ذلك السمو إلى سموم تلوث كل التعاملات الزوجية.
وربما لجأ الزوجان في وسط هذه المعمعة اليومية إلى هدنة طويلة تمتد لسنوات وسنوات لتلتهم مابقي من العمر.
فبعدما يئسا من كافة الحلول ,وأصبح التجاذب مدعاة للتنافر, أصاب القلوب مزيد من الصمم ، فتحولت تلك العلاقة الى خدمات عملاء ( جب وهات ) واجبات وقائمة من الطلبات : فطور , غداء , عشاء , وهذا إن كان الحال في أحسن الحالات .
مبدأ (لا تشره علي ولا اشره عليك) هو الشعار الناطق لتلك العلاقة الباردة : ربما صاحب ذلك الابتعاد القلبي ابتعاد مكاني وانزوى كل منهما في صومعة أفكاره وحيدا يجتر كل مآسي الأمس واليوم والغد .
هذا البرود الذي اعترى تلك العلاقة أشد من برودة أجساد الموتى ، وتمضي أيامهم بين شد وجذب .
ويترعرع بقية أفراد الأسرة على أجواء فاترة , وافتقاد معاني الحب,والاحترام ,وتتسلل اليهم بوادر العنف الصامت ,وأنانية الهدف , فيتحول الأبناء لقنابل موقوتة تهوي بهم في وديان سحيقة من الألم والسلوك غير الحسن .
بل إن قلوبهم ستعاني من صحاري قاحلة وقفار مؤذية ,ورحمة موءودة ,ورغبة جارفة , للهرب من ذلك الواقع الأليم حتى لو كان ذلك بالارتماء في أحضان قرارات مجحفة لذواتهم .
لن تدوم علاقة زوجية دون تفهم وتفاهم واحترام متبادل ومودة تذيب جليد الأحاسيس المتبلدة ومزيدا من حسن الظن الذي يبرر لكي تستمر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى