سيدتي المتعجرفة

عبدالعزيز عطيه العنزي
تلك القمة التي تتجملين بها اليوم، وتلك الهالة التي تحيط بكِ، هي محض وميض عابر في سماء هذه الحياة الدوّارة. قد تظنين أن الأرض قد توقفت لتدور في فلككِ، وأن النجوم قد خُسفت لتضيء دربكِ وحدكِ. ولكن، ألا تشعرين بالدوران الخفيف تحت قدميكِ؟ ذاك ليس دواراً من شدة علوّكِ، بل هو إيقاع الحياة الذي لا يتوقف.
الحياة تدور يا سيدتي، تدور حول كل شيء، وتمرّ بكل أحد. اليوم أنتِ في الصدارة، وغدًا قد يطويكِ النسيان كصفحة عتيقة. الغرور قناع شفّاف، يفضح ما وراءه من هشاشة وضعف. القوة الحقيقية تكمن في التواضع، في معرفة أن كل مجد زائل، وأن كل صعود يتبعه نزول.
هل نسيتِ كيف كانت بدايتكِ؟ كيف كانت خطواتكِ متعثرة كأي طفل؟ ما يرفعكِ اليوم قد يهوي بكِ غداً، وما يلمع في عينيكِ من كبرياء قد يُطفئه وهج حقيقة لا مفر منها: لا شيء يبقى على حاله.
تلك الأيادي التي تدفعكِ اليوم نحو العُلى، قد تكون هي نفسها التي تسحب البساط من تحت قدميكِ غداً. والأفواه التي تهتف باسمكِ، قد تصمت أو تهمس بالضدّ. فكوني حذرة، فالدائرة تدور، ومن يعلو بغير حق قد يُسقط بقسوة، ومن يتعالى على غيره قد يجد نفسه وحيداً في النهاية.
الحياة تدور، فكوني جزءًا من دورانها بانسجام وتواضع، لا بقوة مزيفة وعجرفة عابرة. فالدوران لا يعرف المجاملات، ولن يتوقف لأجلكِ.