شفافية القصر ووحدة الروح

بقلم:عبدالعزيز عطيه العنزي.
في قصر الريح، حيث لا جدران تحميني من قسوة الذكريات، ولا سقف يظللني من حرقة الاشتياق. تمر أمامي أطياف المدينة، بأضوائها الساحرة وضجيجها الذي يبعث على الحياة، كأنها حلم بعيد المنال.
هنا، في هذا القصر الشفاف، كل نسمة هواء تحمل معها عبق الماضي، وكل خفقة قلب تعيد صدى لحظات مضت. أحاول عبثًا أن أتشبث بشيء ثابت، أن أجد ركنًا دافئًا يحميني من هذا التيار الجارف، لكن الريح تعبث بأفكاري، تسرق مني يقيني، وتذرّو ابتسامتي شظايا في الفراغ.
أشتهي ثبات الأرض تحت قدمي، وأحنّ إلى جدار أسند إليه رأسي المثقل. لكن قصر الريح لا يعرف الثبات، ولا يأوي السكون. هو دوامة من المشاعر المتضاربة، حيث اليأس يراقص الأمل رقصة أبدية لا تنتهي.
أردت كسر هذه الحلقة المفرغة، أن أتمرد على هذا السكون المتحرك، لكن كيف لي أن أكسر قانون الريح؟ كيف أثبت قدمي في عالم لا يعرف إلا العبور؟
أقف هنا، في مهب الذكريات، أراقب المدينة البعيدة، وأتمنى لو أنني كنت جزءًا من ضجيجها، لا أسيرًا في صمت هذا القصر الشفاف.