طبيب روماتيزم: “الحالة النفسية” مفتاح استقرار مرضى المناعة الذاتية

غيدا موسى – جدة
أكد طبيب الروماتيزم وهشاشة العظام الدكتور ضياء حسين ، على أهمية اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يصادف 10 أكتوبر من كل عام، باعتباره مناسبة عالمية لتسليط الضوء على ضرورة الاهتمام بالصحة النفسية، لا سيما لدى مرضى الروماتيزم وهشاشة العظام والأمراض المناعية الذاتية الأخرى ، والذين يواجهون تحديات جسدية مزمنة قد تؤثر بشكل مباشر على استقرارهم النفسي وجودة حياتهم ، مبينا أن الاهتمام بالصحة النفسية لمرضى الروماتيزم والأمراض المناعية الأخرى لا يقل أهمية عن العناية بحالتهم الجسدية، إذ تظهر دراسات حديثة أن نسبة كبيرة من هؤلاء المرضى يعانون من القلق والاكتئاب نتيجة الألم المستمر، وتغير نمط الحياة، وصعوبة ممارسة الأنشطة اليومية، إذ إن تحسين الدعم النفسي يساهم في رفع معدلات الاستجابة للعلاج ويُعزز من جودة الحياة بشكل عام.
ودعا استشاري الروماتيزم وهشاشة العظام مرضى الأمراض المناعية الذاتية إلى اتباع نمط حياة صحي يعتمد على التغذية المتوازنة، والنشاط البدني المنتظم، والالتزام بالعلاج الموصوف، إضافة إلى التواصل المستمر مع الفرق الطبية لتقييم الحالة وضبط الأدوية عند الحاجة، مشدداً على أن الدعم الأسري والمجتمعي يلعب دوراً محورياً في رحلة المريض العلاجية.
وتطرق د.ضياء إلى أهمية تعزيز الصحة النفسية للأطفال المصابين بالأمراض المناعية، مبيناً أن الطفل المريض يحتاج إلى بيئة داعمة تشجعه على التعبير عن مشاعره وتمنحه الأمل والثقة، مع ضرورة تفعيل البرامج النفسية والاجتماعية في المستشفيات والمدارس لمساندتهم نفسياً وتعليمياً.
وأشار إلى أن عدداً من الدراسات العلمية أثبتت وجود علاقة وثيقة بين الصحة النفسية واستقرار حالة مرضى الأمراض المناعية والروماتيزم ، حيث تؤدي الحالة النفسية المتدهورة إلى زيادة الالتهابات وصعوبة السيطرة على الأعراض، مما يؤكد أن العلاج المتكامل يجب أن يجمع بين الطب الجسدي والنفسي معاً ، بينما هناك دراسات إيجابية ربطت أهمية الحالة النفسية عند مرضى الروماتيزم ، إذ أثبتت دراسة يابانية أن الذين يتمتعون بحالة نفسية مستقرة لديهم نشاط أقل للمرض ومستويات أدنى من مؤشرات الالتهاب، وهو ما يؤكد أن تحسين الصحة النفسية ينعكس إيجاباً على الاستجابة للعلاج واستقرار الحالة الجسدية ، بينما توصلت دراسة دنماركية شملت أكثر من مليون شخص إلى أن الإصابة بالاكتئاب قد تزيد من خطر الإصابة لاحقاً بأحد الأمراض المناعية الذاتية، ما يشير إلى أن العلاقة بين الجانبين متبادلة وثنائية الاتجاه؛ فكما يؤثر المرض المناعي على نفسية المريض، يمكن للحالة النفسية المتدهورة أن تضعف جهاز المناعة وتزيد من احتمالية ظهور الأمراض المناعية ، وأيضا اشارت دراسة نشرت في Journal of Human Nutrition and Dietetics إلى أن اتباع نمط غذائي صحي يساعد على خفض معدلات الاكتئاب بين مرضى الروماتيزم، مما يدل على أن الصحة النفسية والجسدية تتأثران بعوامل الحياة اليومية مثل التغذية والنوم والنشاط البدني.
ونوه د.ضياء أن دراسة عالمية أيضا حددت أن الاكتئاب يزيد من خطر الإصابة بالروماتويد والتهاب المفاصل الصدفي بنسبة 28-65 % ، كما تبين أن لها علاقة مع أمراض الجهاز الهضمي ) ومرض التهاب الأمعاء أو
( الأمراض الجلدية ) الثعلبة البقعية، البهاق ، وأمراض المناعية الأخرى ، كما وجدت دراسة نشرتها مجلة التهاب المفاصل والروماتيزم الأمريكية أن النساء المصابات بالصدمات النفسية أكثر عرضة لداء الذئبة بثلاثة اضعاف مقارنة مع النساء اللواتي لم يتعرضن لأي اضطراب نفسي ، وقد تؤدي التحديات التي يواجهها مريض الذئبة لتفاقم أعراض المرض النفسي قبل بدء المرض ، وبناءً على كل ما سبق يتضح أن الصحة النفسية ليست جانباً منفصلاً عن المرض المناعي، بل هي عنصر أساسي في استقراره وتطور حالته، الأمر الذي يستدعي من الأطباء والمجتمع على حد سواء تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي لمرضى الروماتيزم والأمراض المناعية، ومساعدتهم على التعايش الإيجابي وتحقيق جودة حياة أفضل.
وفي ختام تصريحه، شدد د.ضياء على أهمية نشر الوعي المجتمعي حول هذه الأمراض المزمنة، وتقديم الدعم النفسي والمعنوي للمرضى، موصياً بضرورة التفاؤل والإيمان بخطة العلاج، والابتعاد عن مصادر التوتر، وممارسة أنشطة تساعد على الاسترخاء، فالصحة النفسية هي بوابة الشفاء، والعلاج يبدأ من الداخل قبل الدواء.