عاصفة البيئة المظلومة
بقلم أ٠ سمير الفرشوطي
في صمت الليل، وهدوء الفجر، تهمس الطبيعة بصوت خافت، يكاد لا يُسمع.
إنها صرخة استغاثة من أعماق الصحراء الشاسعة، ومن قلب الغابات الكثيفة، ومن زوايا المنتزهات المهملة. لو أصغينا السمع جيداً، لسمعنا أنين البيئة المظلومة وهي تئن تحت وطأة الإهمال والتدمير. تخيل معي للحظة أن الصحراء الذهبية، بكثبانها المتموجة وسكونها الأبدي،
تتحدث إلينا. ماذا ستقول
ربما ستشكو من آثار أقدامنا الثقيلة التي تترك ندوباً على وجهها الناعم، ومن النفايات التي نتركها خلفنا كوصمة عار على جمالها الطبيعي. والغابات، تلك الرئات الخضراء لكوكبنا، تصرخ بصمت. أشجارها العملاقة، التي صمدت لقرون، تتساقط واحدة تلو الأخرى تحت ضربات الفؤوس وآلات القطع. كل شجرة تسقط تحمل معها قصص الأجيال وذكريات الزمن. حتى المنتزهات، تلك الواحات الخضراء في قلب مدننا الصاخبة، لم تسلم من عاصفة الإهمال. زهورها الملونة ذبلت، وعشبها الأخضر اصفر، وممراتها الجميلة تحولت إلى مكب للنفايات. إنها تناشدنا بصمت
لا تتركوني أموت،
فأنا متنفسكم الوحيد في غابة الإسمنت
الأشجار والأعشاب، الصخور والجبال، كلها تصرخ بصوت واحد: “لا تدمروا طبيعتنا! لا تتركونا نموت!” إنها تناشدنا أن نعيد النظر في تعاملنا معها، أن نتذكر أننا جزء منها وليس سادة عليها. فلنتوقف للحظة ونتأمل في جمال الطبيعة من حولنا. لنتذكر أن كل ورقة خضراء، وكل زهرة متفتحة، وكل صخرة صامدة هي تحفة فنية أبدعها الخالق. دعونا نستمتع بهذا الجمال، ونحافظ عليه، ونجعله مستداماً للأجيال القادمة. إن الاستدامة ليست مجرد كلمة رنانة، بل هي مسؤوليتنا تجاه كوكبنا وتجاه أنفسنا. فكل خطوة نخطوها نحو حماية البيئة هي خطوة نحو مستقبل أفضل، نحو يوم أجمل، نحو حياة أكثر سعادة وتناغماً مع الطبيعة. دعونا نستمع إلى صرخة البيئة المظلومة، ونستجيب لها بأفعالنا. فلنكن حراساً أمناء على هذه الأمانة الغالية، ولنعمل معاً لإيقاف عاصفة التدمير وبدء عصر جديد من الرعاية والاهتمام. فبهذا وحده، نستطيع أن نعيش سعداء، ونضمن لأطفالنا وأحفادنا يوماً أجمل، وعالماً أفضل.