عين الكاميرا: متى تصبح العدسة سيفًا مسلطًا على الخصوصية؟

 

سيلفي الندم: قصة كاميرا قادت إلى القضبان

بقلم : المحامية / جوهرة سالم المسعدي

في عالمنا المتصل، حيث الهواتف الذكية لا تفارق أيادينا، أصبحت لحظة التقاط صورة أو تسجيل فيديو سهلة بقدر غمضة عين. لكن هل فكرت يومًا أن هذه السهولة قد تتحول إلى سيف مسلط على خصوصيتك، أو تجعلك أنت نفسك متهمًا بارتكاب جريمة معلوماتية؟

اقراء هذه القصة …

كان فيصل شابًا شغوفًا بمواقع التواصل الاجتماعي، لا تفارق الكاميرا يده. أينما ذهب، يوثق كل لحظة، دون أن يدرك أن عدسته قد تتحول يومًا إلى دليل إدانة. في إحدى المناسبات العامة، لمح فتاة تقوم بتصوير نفسها مع صديقاتها. أذهله المنظر، فقرر دون تردد أن يلتقط لها صورة من زاوية خفية، ظنًا منه أنها ستكون “مادة دسمة” لمتابعيه على “وسائل التواصل “. التقط الصورة، وأضاف عليها تعليقًا ساخرًا، ثم نشرها بسرعة البرق.

لم تمضِ ساعات قليلة حتى انفجرت المشكلة. الفتاة، التي اكتشفت الصورة المنشورة وتداولها بين الحسابات، شعرت بالصدمة والإهانة. خصوصيتها انتهكت علنًا، وصورتها أصبحت مادة للسخرية. لم تتردد لحظة، وتوجهت على الفور لتقديم بلاغ رسمي لدى الجهات المختصة، مدعمة بلاغها بالصورة المنشورة ولقطات شاشة لحساب خالد.

تمكنت السلطات من تتبع الحساب وتحديد هوية فيصل بسرعة. استدعته الجهات الأمنية، وهناك، اعترف بما فعله، متفاجئًا من خطورة الموقف. لم يكن يتخيل أن مجرد صورة، التقطها “للمرح”، قد تجعله يواجه تهمة جنائية. وجهت إليه تهمة التشهير وانتهاك الخصوصية بالمساس بالحياة الخاصة ويعتبر جريمة إليكترونية وفقًا لنظام مكافحة جرائم المعلوماتية.

وقفت عائلة فيصل في ذهول، لم يتوقعوا أن يقع ابنهم في مثل هذا المأزق بسبب هاتف وكاميرا. وبعد إجراءات التحقيق والمحاكمة، صدر الحكم بحقه: السجن لمدة سنة ، وغرامة مالية كبيرة. كان وقع الحكم كالصاعقة عليه، لم يكن يتخيل أن حرية التقاط الصور والنشر على الإنترنت لها هذه التبعات القانونية الخطيرة. خرج فيصل من المحكمة رجلًا آخر، وجهه شاحب، وندم يملأ عينيه.

الخاتمة:

قصة فيصل ليست مجرد حكاية، بل هي تحذير لكل من يستخدم التكنولوجيا دون وعي بحدودها القانونية والأخلاقية. إن التصوير بدون إذن، أو التعدي على خصوصية الآخرين بأي شكل من الأشكال عبر الأجهزة الرقمية، إن التصوير بدون إذن أو تفتيش الهواتف الشخصية ليس مجرد انتهاك لآداب السلوك، بل هو تجاوز خطير للقانون والحمدالله في المملكة العربية السعودية. وضعت قوانين صارمة وحاسمة لتعدي على حرمة الحياة الخاصة ، وقد صنّف هذه الأفعال ضمن نظام مكافحة جرائم المعلوماتية

لذا تذكر دائمًا أن خلف كل شاشة شخص له حقوق، وأن حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. كن مسؤولًا في استخدامك للتكنولوجيا، فليس كل ما يمكن تصويره أو نشره مباحًا. وان احترام الخصوصية مفتاح لي بناء مجتمع رقمي آمن ومتحضر للجميع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com