فرحتا العيد: بين لذة الإفطار وبهجة اللقاء

بقلم:صاحب السمو الأمير عبدالله بن فهد ال سعود

يحل العيد ضيفًا عزيزًا على قلوب المسلمين، محملًا معه بشائر الفرح والسرور.

وفي هذا اليوم المبارك، تتجلى فرحتان عظيمتان تملآن النفس بهجة وتزيدانها إيمانًا: فرحة إتمام فريضة الصيام، وفرحة لقاء الأحبة والأهل.
الفرحة الأولى: فرحة الإفطار بعد صيام وقيام بعد شهر كامل من الصيام والقيام، والاجتهاد في الطاعات والقربات، يهل علينا العيد ليُعلن عن انتهاء هذه الرحلة الروحانية المباركة. إنها فرحة عظيمة تغمر القلوب، فرحة الانتصار على النفس وتلبية نداء الله عز وجل. فرحة الإفطار ليست مجرد لذة حسية بعد الامتناع عن الطعام والشراب، بل هي فرحة روحية عميقة بالإحساس بإتمام عبادة جليلة، وبالرجاء في ثواب الله وجزائه.

في صباح العيد، تتزين الموائد بأشهى الأطعمة وألذ الحلويات، وتجتمع العائلات على مائدة واحدة، مستشعرين نعمة الله عليهم وفضله. هذه اللحظات تعكس معنى الشكر والامتنان، وتذكرنا بقيمة النعم التي قد نغفل عنها في أيامنا العادية. إنها فرحة حقيقية تنبع من أعماق النفس المؤمنة، التي استشعرت لذة الطاعة وتذوقت حلاوة القرب من الله.
الفرحة الثانية: فرحة لقاء الأحبة والأهل لا تكتمل فرحة العيد إلا بلقاء الأحبة والأهل، وصلة الأرحام التي حثنا عليها ديننا الحنيف. فبعد انقضاء شهر رمضان الذي قد يكون قد شغل الكثيرين بعباداتهم الخاصة، يأتي العيد ليجمع الشمل ويوثق الروابط الأسرية والاجتماعية.
تنتشر الزيارات والتهاني، وتتبادل العائلات أطيب الكلمات وأصدق الدعوات. هي لحظات دافئة تملؤها المودة والمحبة، وتزيل ما قد يكون علق في النفوس من شوائب الحياة وهمومها. فرحة اللقاء بالأبناء والإخوة والأخوات والأقارب والأصدقاء هي فرحة إنسانية فطرية، تعزز الشعور بالانتماء والترابط، وتجدد فينا معاني الألفة والوئام.
في هذه اللحظات، نتذكر قيمة العلاقات الإنسانية وأهمية الحفاظ عليها. نتسامح ونتجاوز عن الزلات، ونعبر عن مشاعر الحب والتقدير لمن حولنا. إن فرحة لقاء الأحبة هي بلسم للروح، ودافع قوي لمواصلة الحياة بروح إيجابية وقلب متفائل.
فرحتان متكاملتان
إن فرحتي العيد ليستا منفصلتين، بل هما متكاملتان تعزز كل منهما الأخرى. فرحة الإفطار تأتي مكافأة من الله على طاعته، وفرحة اللقاء بالأحبة هي تجسيد لقيم المحبة والتواصل التي حثنا عليها ديننا. هاتان الفرحتان تجعلان من العيد يومًا مميزًا في حياة المسلم، يومًا يجمع بين البعد الروحي والبعد الاجتماعي، ويترك في النفس أثرًا طيبًا يدوم.
فلنستقبل عيدنا بفرحة صادقة وشكر عميق، ولنجعل من هاتين الفرحتين دافعًا لنا لتعزيز إيماننا وتقوية علاقاتنا، والسعي دائمًا لنيل رضا الله ومحبة الناس. عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى