فلنحذر من المرجفين… هذا هو وقت الإرجاف

عبدالعزيز عطيه العنزي
في خضم التحديات التي يمر بها عالمنا المعاصر، وفي ظل سرعة تدفق المعلومات وتنوع مصادرها، يبرز مصطلح “الإرجاف” كظاهرة خطيرة تهدد استقرار المجتمعات وتماسك بنيانها. فالإرجاف ليس مجرد نقل لخبر أو معلومة خاطئة، بل هو فعل متعمد يهدف إلى بثّ الخوف والشك والقلق في النفوس، وتشويه الحقائق، وإضعاف الروح المعنوية، وإثارة الفتنة.
ما هو الإرجاف؟
الإرجاف، في جوهره، هو نشر الأكاذيب والشائعات والأخبار المضللة بقصد إحداث الفزع والاضطراب. قد يأتي الإرجاف في صور متعددة:
* تضخيم المخاوف: تحويل القلق الطبيعي من حدث ما إلى ذعر وهلع غير مبرر، عبر تضخيم الآثار السلبية المحتملة أو اختلاقها.
* تشويه الحقائق: قلب الحقائق أو تزييفها جزئياً أو كلياً، لتقديم صورة مغايرة للواقع تخدم أجندة المرجف.
* بث الشكوك: استهداف الثقة في المؤسسات أو القيادات أو القرارات، عبر التشكيك في النوايا أو القدرات دون دليل.
* إثارة الفتنة: محاولة شق الصفوف وزرع الخلافات بين مكونات المجتمع الواحد، عبر استغلال نقاط الضعف أو إحياء النعرات.
* تهويل الأزمات: تصوير الأزمات العادية على أنها كوارث لا يمكن السيطرة عليها، بهدف شل حركة المجتمع وإضعاف إرادته.
لماذا يلجأ البعض إلى الإرجاف؟
تتعدد الدوافع وراء الإرجاف، لكنها غالبًا ما تتركز حول تحقيق مصالح شخصية أو سياسية على حساب استقرار المجتمع. فقد يكون الهدف:
* زعزعة الأمن: إضعاف الجبهة الداخلية لخدمة أعداء الوطن أو جهات خارجية تسعى للفوضى.
* تحقيق مكاسب: قد يستغل المرجف حالة الفوضى أو الذعر لتحقيق مكاسب مادية أو سياسية.
* تصفية حسابات: استخدام الإرجاف كوسيلة لتصفية حسابات شخصية أو الانتقام من خصوم.
* الجهل والاندفاع: أحيانًا يكون الإرجاف ناتجًا عن جهل بالحقائق أو اندفاع في نشر المعلومات دون التحقق منها.
كيف نحمي أنفسنا ومجتمعاتنا من الإرجاف؟
الوقاية من الإرجاف تبدأ بالفرد وتنتهي بالمجتمع، وتتطلب وعيًا وحذرًا ومسؤولية:
* التحقق والتثبت: قبل تصديق أي خبر أو إعادة نشره، يجب التأكد من مصدره ومصداقيته. القاعدة الذهبية هي: “تثبت قبل أن تنشر”.
* الوعي بخطورة الشائعات: إدراك أن الشائعة هي سلاح فتاك يمكن أن يدمر الأفراد والمجتمعات.
* الرجوع إلى المصادر الموثوقة: الاعتماد على الجهات الرسمية ووسائل الإعلام الموثوقة للحصول على المعلومات الصحيحة.
* تجنب نقل الإشاعات: عدم المساهمة في نشر الإرجاف، حتى لو كان ذلك بحسن نية، فالمشاركة في النشر تزيد من مدى تأثيره.
* تعزيز الوحدة والتلاحم: كلما كان المجتمع متماسكًا ومتحداً، كلما صعُب على المرجفين اختراقه وبث سمومهم.
* بناء الوعي الإعلامي والرقمي: تعليم الأفراد كيفية التمييز بين الأخبار الصحيحة والمضللة، وكيفية التعامل مع المحتوى الرقمي بذكاء.
* المسؤولية القانونية والأخلاقية: تذكير الأفراد بأن نشر الإرجاف قد يترتب عليه مسؤولية قانونية، بالإضافة إلى كونه عملًا غير أخلاقي.
في النهاية، إن مسؤولية التصدي للإرجاف تقع على عاتق الجميع. فمن خلال الوعي والحذر والتحقق والتعاون، يمكننا بناء درع حصين يحمي مجتمعاتنا من سموم المرجفين، ويضمن استمرار مسيرة التنمية والازدهار في بيئة آمنة ومستقرة. فلنكن جميعًا حراسًا للحق، ودرعًا ضد كل من يحاول العبث بأمن أوطاننا ومستقبل أجيالنا.