في حضن الذكريات: رحلة إلى بساطة الماضي
سمير الفرشوطي ✍️ المدينة المنورة
في خضم هذه الحياة المتسارعة، نجد أنفسنا أحيانًا نتوقف لحظة، نلتفت إلى الوراء، ونحن بين أحضان الذكريات الدافئة.
نعم، لقد كبرنا، وأصبح العمر مجرد أرقام تتقدم بلا هوادة، والحياة تتغير بوتيرة لم نعهدها من قبل. ولكن، هل فكرنا يومًا في العودة إلى ذلك الماضي الجميل الذي يحمل في طياته أسرار حياتنا الطفولية وتلك البساطة التي لا تُنسى؟ كانت تلك الأيام الخوالي مليئة بالضحكات والفرح، حيث كنا نتجمع مع إخواننا وأخواتنا حول والدينا الحبيبين. كانت البيوت تعج بالحياة، والقلوب مفعمة بالحب والدفء. لم نكن ندرك حينها قيمة تلك اللحظات، ولم نعلم أننا سنفتقدها يومًا ما بهذه الشدة. ومع مرور الأيام، أصبحنا مثل عقارب الساعة التي تدور بلا توقف. انشغلنا بحياتنا اليومية، بأعمالنا، وبمسؤولياتنا الجديدة. وفي غمرة هذا الانشغال، بدأنا نفقد شيئًا فشيئًا تلك اللحظات الثمينة التي كانت تجمعنا. أصبحنا نفتقد الذكريات الجميلة، خاصة مع رحيل الوالدين – رحمهم الله وغفر لهم، ورحم موتانا وموتى المسلمين جميعًا. إن فقدان الوالدين يترك فراغًا كبيرًا في القلب، فراغًا لا يمكن ملؤه مهما حاولنا. نجد أنفسنا نستذكر كل لحظة قضيناها معهم، كل نصيحة أسدوها لنا، وكل ابتسامة رسموها على وجوهنا. نتذكر كيف كانوا يجمعوننا حول مائدة الطعام، وكيف كانوا يحكون لنا القصص قبل النوم. هذه الذكريات أصبحت كنزًا ثمينًا نحتفظ به في قلوبنا. ومع أن كل واحد منا أصبح يعيش حياته الخاصة، إلا أن هذه الذكريات تظل مصاحبة لنا أينما ذهبنا. إنها تذكرنا بجذورنا، بقيمنا، وبالحب الذي تربينا عليه. في لحظات الضعف، نستمد منها القوة، وفي أوقات الفرح، تزيد من سعادتنا. لعل الدرس الأهم الذي يمكننا استخلاصه من هذه الرحلة في عالم الذكريات هو أهمية تقدير اللحظات الحالية. فبينما نحن ننظر بحنين إلى الماضي، علينا أن نتذكر أن الحاضر سيصبح يومًا ما ذكريات أيضًا. لذا، دعونا نحرص على خلق لحظات جميلة مع أحبائنا، ونحافظ على روابطنا العائلية، ونعيش كل يوم كما لو كان آخر يوم في حياتنا. في النهاية، وبينما نمضي في رحلة الحياة، لنحمل معنا دفء الماضي وبساطته، ولنسعى جاهدين لخلق مستقبل مليء بالحب والسعادة لأنفسنا ولمن حولنا. فالحياة، رغم تعقيداتها، تبقى جميلة بذكرياتها وأحبائها.