كيف نحمي الأطفال من التنمر؟

بقلم: د. وسيلة محمود الحلبي

قال أحد الشعراء : إنما أولادنا أكبادنا تمشي على الأرض..لو هبت الريح على بعضهم لامتنعت عيني عن الغمض.

لا يخفى علينا اليوم أن ظاهرة التنمر باتت من أكثر السلوكيات المؤذية نفسيًا واجتماعيًا التي يتعرض لها الأطفال في مختلف البيئات: مثل المدارس، وعبر الإنترنت، وحتى أحيانًا داخل الأسرة. فالتنمر لم يعد مجرد “مزحة ثقيلة” أو “شقاوة أطفال”، بل أصبح خطرًا حقيقيًا يهدد سلامة الطفل النفسية، وقد يترك آثارًا طويلة المدى على شخصيته، وثقته بنفسه ومستقبله.
لنتعرف على التنمر فالتنمر هو كل سلوك عدواني متعمد ومتكرر، يُمارس ضد الطفل من قبل طفل أو مجموعة أطفال، بقصد الإيذاء أو الإهانة أو الاستهزاء. وقد يكون لفظيًا (كالسب أو السخرية)، أو جسديًا (كالضرب والدفع)، أو نفسيًا (كالعزل أو التهديد)، أو حتى إلكترونيًا عبر الرسائل ومواقع التواصل.

ترى ماهي الطريقة كي نحمي أطفالنا من هذا الخطر؟
لحماية أطفالنا من التنمر، لا بد من تفعيل دور الأسرة والمدرسة والمجتمع معًا، عبر مجموعة من الخطوات العملية منها:
الوقاية التي تبدأ من البيت
بتعزيز الثقة بالنفس حيث أن الطفل الواثق من نفسه أقل عرضة ليكون ضحية، وأكثر قدرة على الدفاع عن ذاته.
وعن طريق الحديث المفتوح: فيجب أن يشعر الطفل أنه يمكنه الحديث مع والديه عن أي شيء دون خوف من اللوم أو التقليل من شانه.
وزرع قيم الاحترام والتسامح: حتى لا يكون الطفل متنمّرًا بنفسه على الآخرين.
ولابد أن تكون المدرسة بيئة حامية، فعلى المدارس أن تطبق سياسات صارمة ضد التنمر، ولا بد من تدريب المعلمين على رصد العلامات المبكرة للتنمر ، عن طريق الأنشطة الجماعية والمبادرات التي تشجع على التعاون والمساواة التي تخلق بيئة مدرسية صحية.
وهناك التقنيات الحديثة فهي سلاح ذو حدين: فمن المهم مراقبة استخدام الأطفال للإنترنت، وتعليمهم الخصوصية الرقمية، وعدم الرد على المتنمرين إلكترونيًا.
وكذلك لا بد من توعية الأطفال بأن طلب المساعدة ليس ضعفًا بل شجاعة.
وهناك الدعم النفسي والتربوي الذي لا بد منه .فيجب تقديم الدعم النفسي للأطفال الذين تعرضوا للتنمر، عبر جلسات استشارية فردية، أو برامج إعادة بناء الثقة بالنفس.
وقد يحتاج الأمر أحيانًا إلى تدخل تربوي أو سلوكي مع الطفل المتنمر ذاته.
فعلينا أن نربّي جيلًا لا يعرف القسوة فإن الوقاية من التنمر لا تعني فقط حماية الطفل الضحية، بل تعني أيضًا بناء مجتمع رحيم، واعٍ، متعاون. فحينما نُعلّم أبناءنا أن احترام الآخر واجب، وأن الكلمة الطيبة صدقة، فإننا نغرس فيهم قيمًا تبني أجيالًا لا تُمارس العنف، ولا تقبل به.
ختامًا، لنكن دائمًا آذانًا صاغية لفلذات أكبادنا، وقلوبًا تحتويهم دون شروط، وأيدٍ ممدودة تحميهم من أي أذى فحماية الطفولة ليست خيارًا.. بل إنها مسؤولية دينية و وطنية وإنسانية.

سفيرة الإعلام العربي
عضو الملتقى العربي للأدباء بالسعودية
عضو رابطة الأدباء والمثقفين العربي
كاتبة . وإعلامية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com