لا حج بدون تصريح: حماية و تنظيم لشعيرة عظيمة.

عبدالعزيز عطيه العنزي

تتجدد في كل عام دعوات المولى عز وجل لعباده القادرين لأداء فريضة الحج، تلك الرحلة الروحانية العظيمة التي تهفو إليها قلوب المسلمين من شتى بقاع الأرض. وفي خضم هذا الشوق والتلبية، تبرز أهمية الالتزام بالأنظمة والقوانين التي وضعتها حكومة المملكة العربية السعودية لتنظيم هذه الشعيرة المباركة، وعلى رأسها نظام “لا حج بدون تصريح”.

قد يتبادر إلى أذهان البعض تساؤلات حول جدوى هذه الإجراءات، أو يرونها قيودًا تحد من رغبة المسلم في أداء الركن الخامس من أركان الإسلام. لكن بالتمعن في الأهداف السامية التي تقف وراء هذا النظام، يتضح لنا جليًا أنه يصب في مصلحة الحاج أولًا وأخيرًا، ويهدف إلى ضمان سلامته وراحته وتمكينه من أداء مناسكه بيسر وسهولة.

إن الأعداد الهائلة من الحجاج التي تفد إلى الأراضي المقدسة سنويًا تتطلب إدارة دقيقة وتنظيمًا محكمًا لتجنب الفوضى والازدحام الذي قد يعرض حياة الحجاج للخطر ويعيق أداءهم لعباداتهم. فتصريح الحج ليس مجرد وثيقة رسمية، بل هو أداة تخطيطية تساهم في تحديد أعداد الحجاج القادمين، وتوزيعهم بشكل منظم على المشاعر المقدسة، وتوفير الخدمات اللازمة لهم من سكن ونقل وإعاشة ورعاية صحية وأمنية.

بدون نظام التصاريح، ستتحول المشاعر المقدسة إلى ساحة فوضى عارمة، يصعب فيها توفير أبسط مقومات السلامة والراحة. ستكتظ الطرقات، وتعجز المرافق عن استيعاب الأعداد المتزايدة، وقد تنتشر الأمراض والأوبئة نتيجة للتزاحم الشديد وعدم القدرة على التحكم في الأوضاع الصحية.

إن الالتزام بنظام “لا حج بدون تصريح” هو في حقيقته استجابة لأوامر الشريعة الإسلامية التي تحث على حفظ النفس وتجنب إلقائها في التهلكة. فالسعي لأداء الحج بطرق غير نظامية قد يعرض الحاج لمخاطر جمة، ويجعله عرضة للاستغلال والاحتيال، ويحرمه من الحصول على الرعاية اللازمة في حال تعرضه لأي طارئ صحي أو أمني.

إن حكومة المملكة العربية السعودية تبذل جهودًا جبارة وتسخر إمكانيات هائلة لخدمة ضيوف الرحمن وتوفير أفضل الظروف لأداء مناسكهم. ونظام تصاريح الحج هو جزء لا يتجزأ من هذه الجهود المباركة. إنه يمثل مظلة أمان وحماية للحجاج، ويضمن لهم رحلة حج آمنة وميسرة ومقبولة بإذن الله.

لذا، فإن الواجب على كل مسلم يرغب في أداء فريضة الحج أن يلتزم بالأنظمة والقوانين، وأن يسلك الطرق النظامية للحصول على تصريح الحج. ففي هذا الالتزام، تحقيق لمقاصد الشريعة، وحفاظ على سلامة النفس، وتمكين من أداء الركن العظيم بيسر وسكينة. “لا حج بدون تصريح” ليس قيدًا، بل هو صمام أمان وسبيل إلى حج مبرور وسعي مشكور بإذن الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى