لدي رغبة عميقة في التحرر…؟

عبد العزيز عطية العنزي

كبرتُ يا أنت، وبينما كانت الأيام تمضي وتطوي صفحات العمر، لم يكبر قلبي حبًا كما يفترض. بل على العكس تمامًا، نما في داخلي شعور آخر، ثقيل ومؤلم، كنتُ أتمنى لو أنه لم يولد أبدًا. كبرتُ وكبر كرهي لك.
أتذكر الطفولة البريئة، النظرة الأولى التي لم تحمل أي غبار، اللحظات التي كنتَ فيها مجرد شخص عابر في حياتي. لكن الأيام كشفت عن معادن النفوس، وأظهرت لي الوجه الآخر الذي لطالما تجاهلته أو ربما لم أره بوضوح.
كبرتُ وشاهدتُ أفعالك، استمعتُ إلى كلماتك، شعرتُ بتأثير وجودك السام في محيطي. كل موقف كان يضيف لبنة جديدة في بناء هذا الشعور المتنامي. لم يكن كرهًا مفاجئًا، بل كان تراكمًا بطيئًا لخيبات الأمل، لجروح لم تلتئم، لكلمات قاسية تركت ندوبًا عميقة.
كبرتُ وفهمتُ الكثير. فهمتُ زيف الوعود، وكذب المشاعر، والأنانية المتجذرة التي كانت تحرك أفعالك. لم أعد ذلك الطفل الساذج الذي يلتمس الأعذار ويغض الطرف عن الأخطاء. اليوم، أرى بوضوح، وأشعر بصدق هذا النفور الذي يتضخم مع كل ذكرى.
كبرتُ وأدركتُ أن البعد عنك هو الخلاص، وأن نسيانك هو نوع من السلام الداخلي الذي أستحقه.لم يعد في قلبي متسع للغضب أو للانتقام، كل ما أشعر به هو رغبة عميقة في التحرر من ظلال وجودك.
كبرتُ، وهذا الكره ليس انتقامًا بل هو نوع من الدفاع عن الذات، حماية لقلبي وروحي من أي أذى آخر قد يلحق بي بسببك. هو اعتراف مؤلم بحقيقة علاقة لم تكن يومًا صحية أو سوية.
كبرتُ وأحمل هذا الشعور كَثقل، لكنني في الوقت نفسه أراه قوة تدفعني للمضي قدمًا، لبناء حياة جديدة لا مكان فيها لذكراك المؤذية. كبرتُ، وليت هذا الكره يموت يومًا، ليحل محله سلام وهدوء دائمَان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى