مات هو وانعكاساته
بقلم / تهاني العطيفي
دخل كلب ذات يوم إلى أحد متاحف المدينة، كان المتحف مزينا بالمرايا في كل زاوية من زواياه… نظر الكلب يمينا وشمالا فرأى مجموعة من الكلاب تتربص به… وقف وقفة المتأهب وبدأ بالنباح، قامت الكلاب بالفعل نفسه، حاول أن يبدأ بالهجوم لكنه استغرب أن الكلاب تشن هجوما معاكسا وظن أنها النهاية لا محالة… لم يكن هذا المسكين يدري أن هذه الكلاب لم تكن سوى انعكاساته في المرايا… مرت ساعات قليلة قبل أن يدخل مسؤول إدارة المتحف ويرى الكلب ميتا هو وجميع الكلاب الأخرى التي لم تكن سوى انعكاساته…
كذلك هي لحظات الحياة مجرد انعكاس لما هو في داخلك، لطريقة فهمك للأمور وتعاملك مع الأوقات العصيبة…، فإن أحسنت التفكير والتصرف ستتمكن من فهم ما يحيط بك وهذا بالتأكيد سيجلب لك المزيد من النجاح…
لحظات حياتك هي عبارة عن انعكاس لتصرفاتك، وهذا ما أثبته علم النفس الحديث وأكد أن التفكير الإيجابي ينعكس على صاحبه إيجابيا في حين أن كل فكرة سلبية ستأخذ منحى مختلفا…
الحياة مرآة فعلا تعكس لنا كل ما يجول في خواطرنا من مخاوف وهواجس تجعلنا نركز فقط على جوانب الفشل وتؤدي بنا إلى الإحباط والضياع…
كما قد تعكس لنا نقاط القوة لدينا وتدلنا على مكامن القوة لدينا وبالتالي فهي إذن تنير لنا الدرب وتأخذ بأيدينا إلى النجاح…
لا ننكر هنا أن اللحظات العصيبة التي قد تقودنا إلى الملل وتجعلنا نحس أن جميع الأبواب قد أغلقت في وجوهنا … لكن هنا يكمن السر، في استغلال هذه اللحظة بالتحديد والتفكير في إيجاد مخرج لتكون هذه هي نقطة التحول الإيجابي في حياتنا…
الحياة فعلا مرآة نرى من خلالها الأفكار والقناعات التي نمت وترعرعت بداخلنا منذ الطفولة والتي سنقطف ثمارها لا محالة إما إيجابيا وإما عكس ذلك…
إذن فكل واحد منا مسؤول عن خيبات الأمل التي قد تصيبه في إحدى محطات حياته ولا داعي لتبني دور الضحية وإلقاء اللوم على الآخرين، لا يا صديقي… فقط حاول التكيف مع الوضع الجديد ومعرفة الخلل أولا قبل البحث الحلول…
التغلب على المخاوف وبناء الثقة في النفس ليس بالأمر السهل إطلاقا، لكنه يحتاج لبعض الصبر والكثير من الإيمان بقدرتك على التغيير والانطلاق نحو النجاح…
يجب أيضا أن تمتلك شيئا من المرونة يساعدك على التكيف مع المتغيرات ويقودك للبحث والتفكير بالطريقة الصحيحة التي تناسبك أنت بالتحديد…
الخيار بين يديك أن تكون تلك الورقة الخضراء اليانعة التي تباركها الشجرة وتتمسك بها مهما كانت الرياح عاتية… وبين أن تكون ورقة صفراء ذابلة تلهو بها يد الرياح تأخذها يمينا وشمالا حتى تستسلم تماما كما استسلم الكلب بدون أي تفكير أو مقاومة…