مهلاً يا رمضان… لا ترحل!

بقلم:صاحب السمو الأمير عبدالله بن فهد ال سعود
يا شهر الخير والبركات، يا نفحة الإيمان والروحانيات، يا ضيفاً كريماً حلّ بنا فأضاء قلوبنا ونوّر دروبنا، مهلاً! تمهل في رحيلك، فما زالت قلوبنا تنهل من فيضك، وما زالت أرواحنا تتغذى من نورك.
ها نحن نقف على أعتاب الوداع، وقلوبنا تخفق بين فرحة إتمام الصيام والقيام، وحزن فراق شهر عظيم كهذا. أيام وليالٍ مرت كلمح البصر، حملت معها أجمل اللحظات وأزكى النفحات. عشنا فيها أجواءً إيمانية فريدة، تقاربنا فيها مع خالقنا بالصلاة والذكر والدعاء، وتراحمْنا فيما بيننا بالصدقات والإحسان.
لقد اعتدنا في رمضان على صفاء الروح، وهدوء النفس، والتسامح مع الآخرين. تعلمنا فيه قيمة الوقت، وأهمية الاجتهاد في الطاعات. ذقنا فيه لذة الجوع والعطش لنستشعر نعمة الشبع والري، وتذكرنا فيه أحوال المحتاجين والفقراء لنجود عليهم مما رزقنا الله.
يا رمضان، لقد تركت بصمات لا تمحى في قلوبنا، وعادات حسنة نتمنى أن تستمر معنا بعد رحيلك. لقد أيقظت فينا ضمائر غافلة، وقوّيت فينا عزائم فاترة، وجمعتنا على مائدة الإفطار والسحور في أجواء من الألفة والمحبة.
نستودعك الله يا شهر الرحمة والمغفرة، ونسأله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا صيامنا وقيامنا ودعاءنا، وأن يعيد علينا هذا الشهر الكريم أعواماً عديدة وأزمنة مديدة ونحن في خير وعافية.
ولكن قبل أن ترحل، دعنا نستلهم من دروسك، ونحافظ على ما اكتسبناه من خير، ونجاهد أنفسنا لنستمر على طريق الاستقامة والهدى. لنجعل من رمضان نقطة انطلاق جديدة نحو حياة أفضل وأكثر قرباً من الله.
مهلاً يا رمضان، لا ترحل قبل أن نودعك بقلوب شاكرة، وألسنة ذاكرة، وعيون دامعة شوقاً للقائك في العام القادم بإذن الله. فإلى اللقاء يا خير الشهور، وإلى أن نلقاك مجدداً، نسأل الله الثبات والتوفيق والسداد.