هل ارتداء الشورتات فوق الركبة في الأماكن العامة يخالف القيم الإسلامية والذوق العام؟

عبدالعزيز عطيه العنزي

تثير مسألة اللباس في الأماكن العامة نقاشات واسعة في المجتمعات المحافظة، وخصوصًا في المجتمعات الإسلامية التي تستمد قيمها من الشريعة الإسلامية. ومن بين هذه النقاشات، يبرز موضوع ارتداء “الشورتات” أو القمصان القصيرة التي تكشف عن ما فوق الركبة. فهل يعد هذا اللباس مخالفًا للقيم الإسلامية وللذوق العام؟

تؤكد الشريعة الإسلامية على ضرورة الستر والحشمة في اللباس، للرجال والنساء على حد سواء. وبالنسبة للرجال، فإن العورة المتفق عليها بين جمهور الفقهاء هي ما بين السرة والركبة. وبالتالي، فإن كشف ما فوق الركبة يُعد مخالفًا لهذا المبدأ الشرعي. الهدف من هذا الستر ليس فقط الحفاظ على الأدب العام، بل هو جزء من المنظومة الأخلاقية الإسلامية التي تسعى إلى صيانة الفرد والمجتمع من كل ما يخدش الحياء أو يؤدي إلى الفتنة.

فاللباس في الإسلام ليس مجرد غطاء للجسد، بل هو تعبير عن الهوية الدينية والأخلاقية للفرد، ويعكس مدى التزامه بقيم مجتمعه ودينه. ومن هنا، فإن ارتداء الشيرتات القصيرة التي تكشف عن ما فوق الركبة، قد يُنظر إليه على أنه خروج عن الحدود الشرعية التي وضعها الإسلام للرجل المسلم.
الذوق العام والأعراف الاجتماعية
بجانب المنظور الديني، تلعب الأعراف الاجتماعية والذوق العام دورًا كبيرًا في تحديد ما هو مقبول وما هو غير مقبول في اللباس. في كثير من المجتمعات الإسلامية، لا يزال يُنظر إلى كشف ما فوق الركبة للرجال على أنه أمر لا يتناسب مع الذوق العام، وقد يُعتبر نوعًا من قلة الاحترام للمكان أو للمحيطين.

الذوق العام هو مجموعة من القواعد غير المكتوبة التي تحكم سلوك الأفراد في المجتمع، وتستند إلى قيم مشتركة وتقاليد متوارثة. وعندما يُخالف فرد هذه القواعد، قد يواجه استياءً من الآخرين أو يُنظر إليه بشكل سلبي. في السياق السعودي، على سبيل المثال، حيث تُولي المملكة أهمية كبيرة للقيم الإسلامية والعادات والتقاليد، يُعد ارتداء الشيرتات القصيرة في الأماكن العامة أمرًا غير محبذ وقد يُنظر إليه على أنه لا يتناسب مع الهوية الثقافية والدينية للمجتمع.
التوازن بين الحرية الشخصية والمسؤولية المجتمعية

قد يجادل البعض بأن اللباس هو حرية شخصية، وأن لكل فرد الحق في اختيار ما يرتديه. ومع ذلك، في المجتمعات التي تلتزم بقيم دينية واجتماعية محددة، غالبًا ما تتوازن هذه الحرية الشخصية مع المسؤولية المجتمعية. فاللباس ليس مجرد قرار فردي بحت، بل له تأثير على البيئة المحيطة وعلى الآخرين.
وفي الختام، يمكن القول إن ارتداء الشورتات التي تكشف عن ما فوق الركبة في الأماكن العامة يُعتبر، في سياق القيم الإسلامية والذوق العام في المجتمعات المحافظة، مخالفًا لمبادئ الستر والحشمة التي تُحث عليها الشريعة الإسلامية، وقد لا يتناسب مع الأعراف الاجتماعية السائدة. إن الالتزام باللباس المحتشم هو جزء من احترام القيم الدينية والثقافية للمجتمع، ويعكس الوعي بالمسؤولية الفردية تجاه الحفاظ على الأدب العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com