همسات جنّية
في عالمٍ تتكاثر فيه الأصوات، تبقى الهمساتُ أصدقَ حضورًا. هي اللغةُ التي تنطقُ بها الأرواحُ حينَ يصمتُ كلُّ شيء، وتكشفُ ما لا يُقالُ في وضحِ الإدراك. «همساتٌ جنّية» ليستْ حديثًا من الخيال، بل رحلةٌ إلى الداخل، حيثُ يتحوّلُ الوجعُ إلى وعي، والصمتُ إلى بوحٍ يعلّمنا كيفَ نرى النورَ في الظلّ.

بقلم: عبدالعزيز عطية
بينَ أعجوبةٍ وعاجيّة،
يتمايلُ الحرفُ بينَ مدٍّ وجزر،
كأنّهُ يبحثُ عن ذاتِه في ارتعاشةِ المعنى.
تكتبُ أُهزوجةً
عنوانُها: قممٌ وعنفوان.
جرحٌ نديّ،
وجرحٌ خفيّ،
وجرحٌ يتألّم،
وآخرُ صمت.
لكنَّ الصمتَ ليسَ خواءً،
إنَّهُ وعيٌ يتأمّلُ وجعَه،
ويُمسكُ الضوءَ من حافّةِ الظلّ.
وما الجرحُ إلّا مرآةُ روحٍ تتذكّرُ أصلَها،
تسألُ الوجودَ:
هل نحنُ من نختارُ الألم؟
أم هو من يختارُنا
ليُعلّمَنا كيفَ نكون؟
في كلّ ندبةٍ حكمة،
وفي كلّ وجعٍ حكايةٌ لا تُقال.
القممُ لا تُرى من القاع،
لكنَّ العارفَ يدركُها وهو في العتمة،
لأنَّ النورَ ليسَ في العلوّ،
بل في الفهم.
وحينَ يهدأُ القلب،
تعودُ الروحُ إلى مقامِها الأوّل،
نقيّةً كما وُلدت،
تعرفُ أنَّ الوجعَ طريقٌ إلى الوعي،
وأنَّ الجمالَ لا يُرى بالعين،
بل يُدرَكُ بالسكينة